قلبي "، فلم ينكر على السائل السؤال، وقد علم السائل أن رؤية القلب إذ هي علم قد علمه، وأنه لم يسأل عن ذلك، وقد حذر اللَّه المؤمنين عن السؤال عن أشياء قد كقوا عنها بقوله: (لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ)، فكيف يحتمل أن يكون السؤال عن مثله يجيء، وذلك كفر في الحقيقة عند قوم، ثم لا ينهاهم عن ذلك ولا يوبخهم في ذلك، بل يليق القول في ذلك، ويرى أن ذلك ليس ببديع، واللَّه الموفق.

وأيضًا: إن اللَّه وعد أن يجزي أحسن مما عملوا به في الدنيا، ولا شيء أحسن من التوحيد، وأرفع قدرًا من الإيمان به؛ إذ هو المستحسن بالعقول والثواب الموعود من جوهر الجنة، حسنه حسن الطبع، وذلك دون حسن العقل؛ إذ لا يجوز أن يكون شيء حسنًا في العقول لا يستحسنه ذو عقل، وجائز ما استحسنه الطبع طبعا لا يتلذذ به كطبع الملائكة، ومثله في العقوبة؛ لذلك لزم القول بالرؤية لتكون كرامة تبلغ في الجلالة ما أكرموا به، وهو أن يصير لهم المعبود بالغيب شهودًا كما صار المطلوب من الثواب حضورًا، ولا قوة إلا باللَّه.

ولا يحتمل العلم؛ لأن كلًّا يجمع على العلم باللَّه في الآخرة العلم الذي لا يعتريه الوسواس، وذلك علم العيان لا علم الاستدلال، وكثرة الآيات لا تحقق علم الحق الذي لا يعتريه ذلك، دليله قوله: (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ. . . . .) الآية، وما ذكر من استعانة الكفرة بالكذب في الآخرة وإنكار الرسل عليهم، وقولهم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015