وليس من عمل السحر، ولكن آية سماوية إذ لو كان سحرًا لتكلفوا في دفعه، واشتغلوا بالسحر على ما اشتغلوا بسحر العصا والحبال، فإذ لم يتكلفوا في ذلك، ولم يشتغلوا بدفع ذلك، بل فزعوا إلى موسى ليكشف ذلك عنهم، ووعدوه الإيمان به، وإرسال بني إسرائيل معه، دل فزعهم إليه في كشف ذلك عنهم على أنهم قد عرفوا أنه ليس بسحر، ولكنه آية أقروا بها أنها ليست بسحر، وأنها آيات إلا أنهم فزعوا عند ذلك إلى موسى فقالوا: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) ووعدوه الإيمان به، وبعث بني إسرائيل معه إن كشف عنهم الرجز.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بِمَا عَهِدَ عِندَك) اختلف فيه:
قَالَ بَعْضُهُمْ: (بِمَا عَهِدَ عِندَك) ما عهد لك أنك متى دعوته أجابك.
وقيل: (بِمَا عَهِدَ عِندَكَ) أنَّا متى آمنا بك وصدقناك كشف عنا الرجز، فقالوا: لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل.
* * *
قوله تعالى: (فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ).
قيل: الرجز: ألوان العذاب الذي كان نزل بهم من الطوفان والجراد والقمل