(129)

أو أن يقول لهم: استعينوا باللَّه بالنصر لكم والظفر، واصبروا على أذاهم والبلاء.

(إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ).

يحتمل هذا وجهين:

يحتمل أن يخرج ذلك من موسى مخرج الوعد لهم بالنصر والظفر على الأعداء، وجعل الأرض لهم من بعد إهلاك العدو، وهو كما ذكر في موضع آخر: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ).

ويحتمل أن يخرج ذلك منه مخرج التصبر على الرضا بقضاء اللَّه - تعالى - أن الأرض له يصيرها لمن يشاء، فاصبروا أنتم على البلاء، وارضوا بقضائه.

(وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).

قال الحسن: (وَالْعَاقِبَةُ)، أي: الآخرة للمتقين خاصة، وأمّا الدُّنيَا فإنها بالشركة بين أهل الكفر وأهل الإسلام، يكون لهَؤُلَاءِ ما لأُولَئِكَ، وأمَّا الآخرة فليست للكفار إنما هي للمؤمنين خاصة، وهو ما ذكر في آية أخرى: (وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ. . .) الآية، فعلى ذلك هذا، واللَّه أعلم.

وقال غيره: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) أي عاقبة الأمر بالنصر، والظفر للمتقين على أعدائهم، وإن كان في الدفعة الأولى عليهم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ... (129) يخرج هذا على وجهين:

أحدهما: أن يخرج مخرج استبطاء النصر والظفر لهم، كأنهم استبطئوا النصر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015