(108)

وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: الثعبان هي الحية الذكر.

وقوله: (مُبِينٌ) أي: مبين أنها حية، وهو كما ذكر: (فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى).

(مُبِينٌ): لا يشك أحد أنها ليست بحية، ويحتمل (مُبِينٌ) أي: مبين أن ذلك التغيير والتحويل لا يكون إلا من اللَّه تعالى.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108)

ذكر نزع يده ولم يذكر من ماذا، فهو ما ذكر في آية أخرى: (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) أي: من غير أذى ولا آفة، وقال أهل التأويل: من غير برص، ولكن عندنا: من غير سوء من غير أن تستقبح أو تستقذر؛ لأن خروج الشيء عن خلقته وجوهره مما يستقذر، فأخبر أنه لم يكن كذلك.

فَإِنْ قِيلَ لنا: ما الحكمة في إدخال يده جيبه على ما هي عليه وإخراجه إياها بيضاء من غير أن كانت كذلك قبل أن يدخلها، وكذلك صيرورة العصا حيَّة بعد ما طرحها على الأرض دون أن تصير حيَّة وهي في يده قبل ذلك؟ قيل - واللَّه أعلم -: إنه إنما أراهم آيته بعد ما أخرج العصا عن سلطانه وتدبيره؛ ليعلم أنها إنما صارت لا بتدبيره وتغييره ولكن باللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وكذلك اليد صيرها آية بعدما غيبها عن بصره وتدبيره؛ ليعلم أنها صارت كذلك لا به ولكن باللَّه عَزَّ وَجَلَّ والآية: هي التي تخرج عن وسع الخلق وتدبيرهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015