(وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا)، فإذا كان الإسراف هو الإكثار من الشيء، فكأن لوطا سماهم مسرفين لما أكثروا من ذلك النوع من الفواحش، وجاوزوا الحد، والله أعلم.
ويحتمل قوله: (قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) وجوهًا ثلاثة:
أحدها: ما ذكرنا من إكثار الفعل.
والثاني: مسرفون؛ لما ضيعوا ما أنعم اللَّه عليهم؛ حيث أعطى لهم الأزواج فضلًا منه ونعمة، حيث أخبر: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا) وكقوله: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا) ونحوه منَّ جلَّ وعلا بما جعل لهم من الأزواج، ثم هم لم يشكروه على ما أنعم عليهم، بل ضيعوها، وجعلوها في غير ما جعل هو لهم، فذلك إسراف منهم.
والثالث: الإسراف: هو المجاوزة عن الحد الذي جعل لهم، فنهم قد جاوزوه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)
قوله: (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا)
كذا كان من قومه أجوبة ليس على أنه لم يكن منهم من أول الأمر إلى آخره هذا، ولكن لم يكن من جواب قومه وقت ما نهاهم عما ارتكبوا من الفواحش وعيَّرَهم عليها إلا ما ذكر: (أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) لما ينهاهم ويعيرهم على ذلك، ويحتمل ما قال أهل التأويل: (يَتَطَهَّرُونَ): من أدبار الرجال.