(وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ)، وكقوله: (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ): ليس على النهي؛ ولكن على ألا تحمل على نفسك ما فيه هلاكك؛ فعلى ذلك هذا، واللَّه أعلم.
ثم إن اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - أمنه عما كان يخاف من أُولَئِكَ بقوله: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)، وأمنه من وساوس الشيطان؛ على ما روي في الخبر أنه قيل: ألك شيطان؟ فقال: " كان، ولكن أعنت عليه؛ فأسلم " أمَّن - عَزَّ وَجَلَّ - رسوله عن ذلك كله؛ لما ذكرنا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِتُنْذِرَ بِهِ).
يحتمل أنه أمره أن ينذر به الكفرة، ويبشر به المؤمنين؛ كقوله: (لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ)؛ فعلى ذلك قوله: (لِتُنْذِرَ بِهِ) الكفرة.
(وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ).
أي: بشرى على ما ذكرنا، ويكون في الإنذار بشرى؛ لأنه إذا أنذر فقبل الإنذار، فهو له بشرى.
ويحتمل قوله: (لِتُنْذِرَ بِهِ)، أي: الكل الموافق والمخالف جميعًا؛ كقوله: (لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا)، (وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ)، أي: الذي ينتفع به المؤمنون.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (اتَّبِعُوا ... (3)
لا تتبعوا أُولَئِكَ في التحليل والتحريم وفي الأمر والنهي؛ لأنه ليس إلى الخلق