وكان أبو يوسف يستحب أن يقول بهذه الكلمات والكلمات التي رواها علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من غير إيجاب لذلك ولا حظر لما سواه.
وكان أبو حنيفة - رحمه اللَّه - لا يستحب أن يزيد في الفرائض على ما روي عن أبي سعيد الخدري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وما روت عائشة - رضي الله عنها - عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وما روي عن عمر وعبد اللَّه - رضي اللَّه عنهما -.
وأما في النوافل فله أن يزيد ما شاء فيها من الثناء والدعوات؛ فيحتمل أن يكون ما رواه علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من فعل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كان ذلك في النوافل.
* * *
قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ).
اختلف فيه:
قَالَ بَعْضُهُمْ: (جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ)، يعني أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - جعلهم خلائف من تقدمهم من المكذبين والصديقين؛ ليعلموا ما حل بالمكذبين برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ليحذروا تكذيبه والخلاف له، ويرغبوا في تصديقه والموافقة له والطاعة؛ ليكون لهم بمن تقدمهم عبرة في التحذير والترغيب، ويكون لهم بمن تقدمهم قدوة وعبرة؛ ليعرفوا صحبة رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أن كيف يجب أن يصحبوه ويعاملوه: من الإحسان إليه، والتعظيم له والتصديق، ويجتنبوا الإساءة إليه والتكذيب.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ)، يعني: البشر كلهم، جعل بعضهم خلائف بعض في الوجود وفي الأحوال في الحياة، والموت، والغناء، والفقر،