(125)

يضيع وليس هو بأهل لها ولا موضعها؛ لأنه لو جعل لكان في ذلك تضييع الرسالة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ).

أخبر أن من تكبر على رسول اللَّه وعانده يكن له عند اللَّه: صغار، ومذلة، وعذاب شديد؛ بصنيعهم الذي صنعوا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ... (125)

قيل: سئل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عن هذه الآية؛ فقال: " نورٌ يُقذف فيه "؛ فقالوا: وهل لذلك من علامة قال: " نعم، إذا دخل النورُ في القلب انشرحَ وانفسح "؛ قالوا يا رسول اللَّه، وهل لذلك من علامة يعرف بها؟ قال: " نعم، الإنابةُ إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعدادُ للموت قبل نزول الموت "؛ فلو ثبت هذا عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وكان هذا انشراح الصدر للإسلام فقليلا ما يوجد على هذا الوصف، إلا أن يريد به: الاعتقاد واليقين بما ذكر.

ثم اختلف في تأويل قوله: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا).

قال بعض أهل التأويل: الإرادة صفة فعل كل فاعل يفعل على الاختيار؛ كأنه قال: فمن يهد اللَّه يشرح صدره للإسلام، ومن يضله يجعل صدره ضيقًا حرجا.

وقال فريق من المعتزلة من نحو جعفر بن حرب والكعبي وهَؤُلَاءِ: تأويله: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ)، أي: من قَبِلَ هداية اللَّه في الابتداء شرح اللَّه صدره بعد ذلك بخيرات؛ ثوابًا لما قبل من الهداية، ومن ترك قبول هداية اللَّه في الابتداء عاقبه اللَّه بضيق صدره؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015