في القول بقدم العالم، واللَّه الهادي.
ويحتمل قوله: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ) أن يراد به في حق جميع بني آدم، وأضاف خلقنا إلى الطين، وكأن الخلق من الماء؛ لما أُبقِيَ في خلقنا من قوة ذلك الطين الذي في آدم وأثره، وإن لم يُرِه تلك القوة وذلك الأثر، وهذا كما أن الإنسان يرى أنه يأكل، ويشرب، ويغتذي، ويحصل به زيادة قوة في سمعه وبصره، وفي جميع جوارحه، وقد يحيا بها جميع الجوارح، وإن لم ير تلك القوة، فكذلك هذا.
ويحتمل -أيضًا- على ما روي في القصة أنه يمازج مع النطفة شيئًا من التراب، فيؤمر الملك بأن يأخذ شيئًا من التراب من المكان الذي حكم بأن يدفن فيه، فيخلط بالنطفة، فيصير علقة ومضغة، فإنما نسبهم إلى التراب لهذا.
ويحتمل النسبة إلى التراب وإن لم يكونوا من التراب؛ لما أن أصلهم من التراب، وهو آدم.
وقوله - تعالى -: (ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ)
فالقضاء يتوجه إلى وجوه كلها ترجع إلى معنى انقطاع الشيء وتمامه، وقد يكون لابتداء فعل وإنشائه؛ كقوله - تعالى -: (فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ)، ويقال: قضيت هذا الثوب، أي: عملته وأحكمته.
وقد يكون بمعنى الأمر؛ قال اللَّه - تعالى -: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) أي: أمر ربك؛ لأنه أمر قاطع حتم.