(117)

فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا)، أي: يقولون، وذلك جائز " قال " بمعنى: " يقول "، وذلك في القرآن كثير.

واتخاذهم عيسى وأمه إلهين قول متناقض؛ لأنهم سمَّوها: أم عيسى؛ فإذا ثبتت لها الأمومة بطل أن تكون إلهًا؛ وكذلك عيسى: إذا ظهر أنه كان ابنا لها، بطل أن يكون إلها؛ لأنه لا يكون ابن غيره إلهًا، لكنهم قوم سفهاء، يقولون ذلك عن سفه.

(قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ)

أي: لا ينبغي لي أن أقول ما ليس ذلك بحق.

(إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ).

يتكلم في النفس على وجهين:

أحدهما: يراد ما يضمر.

والثاني: على إرادة الذات؛ فإن كان اللَّه يتعالى عن أن يوصف بالذات كما يوصف الخلق؛ دل أنه إنما يراد بذلك غيره، وهو أن يقال: تعلم ما عندي ولا أعلم ما عندك، أو يقول: تعلم ما كان مني ولا أطلع على غيبك.

(إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ).

أي: إنك أنت علام ما غاب عن الخلق.

قوله تعالى: (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ).

أي: ما دعوتهم إلا إلى ما أمرتني أن أدعوهم إليه من التوحيد والعبادة لك.

وقوله: (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا).

أي: شاهدًا عليهم. هذا يدل على أن ذلك القول كان منه وقت رفعه إلى السماء، أو يكون يوم القيامة.

ويقال: (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ)، أي: كنت عليهم حفيظًا ما كنتُ بين أظهرهم.

(فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ).

أي: الحفيظ عليهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015