(15)

قلوب أُولَئِكَ الكفرة، وباللَّه التوفيق.

وفي الآية دلالة إثبات رسالة نبينا مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه أخبر أنه ألقى بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، وأخبر ألا تزال تطلع على خائنة منهم، وكان كما قال، على علم منهم أنه لا يطلع على أما في، قلوبهم من الخيانة والقساوة وغير ذلك من الأمور؛ فدل أنه علم بِاللَّهِ ذلك.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ)

في الآخرة.

(بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) في الدِّينا، وهو قول ابن عَبَّاسٍ.

* * *

قوله تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ) الآية.

قال - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا)، ولم يقل: فلان بن فلان؛ ليعلم أن الرسل - عليهم السلام - ليسوا يعرفون بالأسامي والأنساب؛ ولكن إنما يعرفون بالآيات المعجزة والبراهين النيرة. وفيه دليل أن من آمن بالرسل كلهم ولم يعرف أسماءهم أنه يكون مؤمنًا، ولم يؤخذ علينا معرفة أسامي الرسل؛ إنما أخذ علينا الإيمان بهم جملة؛ ألا ترى أن اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - لم يذكر في الكتاب الأنبياء والرسل جميعًا واحدًا فواحدًا، ولا ذكر أسماءهم؛ إنما ذكر بعضًا منهم؟! أفترى أن من لم يعرف أسماءهم لم يكن مؤمنًا؟! هذا بعيد.

وفيه دلالة إثبات رسالة أسيدنا، مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه قال: (يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ)، وهم إذا كتموا ذلك وأخفوه - أعني: الرؤساء - ولم يخبروا أحدًا أنهم كتموا ذلك وأخفوه، حتى يبلغ الخبر إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، ولا كان رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - اختلف إلى أحد منهم، أو نظر في كتابهم قط؛ ليعلم ما كتموا، فلما بين لهم ما قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015