كان إذا أراق ماء نكلمه فلا يكلمنا، ونسلم عليه فلا يرد علينا حتى يأتي أهله فيتوضأ وضوءه للصلاة؛ فقلنا له في ذلك؛ حتى نزلت آية الرخصة في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ)؛ فهذا يدل أن معنى الآية على الإضمار: إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم محدثون، فاغسلوا وجوهكم وأيديكم.
وروي في تأويل الآية: إذا قمتم من المضجع إلى الصلاة، فاغسلوا وجوهكم. وقد رويت الأخبار عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وعن الصحابة بإيجاب الوضوء من النوم؛ فكان ذلك شاهدا لهذا التأويل: روي عن ابن عَبَّاسٍ عن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه كان ينام، ثم يصلي الصبح ولا يتوضأ؛ فسُئل عن ذلك؟ فقال: " إِني لَستُ كَأَحَدٍ مِنْكُم؛ إِنَهُ يَنَامُ عَينَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي، وَلَوْ أحْدَثْتُ لَعَلِمْتُ ".
وروي عن صفوان بن عسال قال: إذا كنا مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في سفر يأمرنا ألا ننزع خفافنا إذا أدخلناهما طاهرتين، ولا نخلعهما من غائط ولا بول ولا نوم، إلا من جنابة ".
فهذه الأحاديث توجب الوضوء من النوم مجملاً، وجاء حديث آخر مفسرا بإيجاب الوضوء إذا نام مضطجعًا: روي عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: " لَيسَ عَلَى مَنْ نَامَ قَاعِدًا وُضُوءٌ حَتَّى يَضْطَجِعَ، فَإِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرَخَتْ مَفَاصِلُهُ ".