بكر الصديق معه؛ فوجدني قد أغمى عليَّ؛ فصبَّ وضوءه عليَّ؛ فأفقت؛ فقلت: يا رسول اللَّه، كيف أصنع في مالي؟ وكان لي تسع أخوات؛ فلم يجبني حتى نزل قوله - تعالى -: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ. . .) إلى آخر ما ذكر، قال جابر - رضي اللَّه عنه -: فِيَّ نزلت الآية.
قال بعض الناس: إذا مات الرجل؛ وترك ابنة وأختًا - فلا شيء للأخت؛ لأن اللَّه - تعالى - قال: (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ) والابنة ولد؛ فلا ميراث للأخت وللأخ مع الابنة؛ لأنها ولد؛ فيقال: إن اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - جعل للابنة النصف؛ إذا لم يكن معها ابن؛ بقوله تعالى: (وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ)؛ فإذا مات وترك ابنة وأختًا فللابنة النصف، وذلك النصف الباقي إذا لم يُعْطَ للأخت - يرد إلى الابنة؛ فيكون لها كل الميراث، وقد جعل اللَّه - تعالى - ميراثها إذا لم يكن معها ولدٌ ذَكَرٌ - النصف، أو لا يرد إلى الابنة؛ فيجب أن ينظر أيهما أحق بذلك النصف الباقي؛ فجاء في بعض الأخبار: أن الأخوات مع البنات عَصَبَة؛ لذلك كانت الأخت أَوْلَى بذلك النصف الباقي، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ)
ذكر للاثنتين الثلثين، ولم يذكر ما للثلاث فصاعدًا منهن، وذكر في الابنة الواحدة النصف في أول السورة بقوله: (وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) ولم يذكر ما للبنتين؛ ولكن ذكر الثلاث فصاعدًا بقوله تعالى: (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ) فترك بيان الحق في الابنتين؛ لبيانه في الأختين، وترك البيان للأخوات؛ لبيانه في البنات؛ ففيه دليل القياس: حيث اكتفى ببيان البعض عن الآخر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)
دل قوله تعالى: (إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً) أن اسم الإخوة يجميع الإناث والذكور جميعًا؛ لأنه ذكر إخوة، ثم فسر الرجال والنساء؛ فهو دليل لنا في قوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ