قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ)
والبرهان: هو الحجة توضح وتظهر الحق من الباطل.
وقيل: بيان من ربكم، وهما واحد.
قَالَ بَعْضُهُمْ: هو النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.
وقال آخرون: هو القرآن؛ فأيهما كان فهو حجة وبيان، يلزم الحق -ويبين- من لم يعاند.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا)
يبصر به الحق من الباطل، وبه يعرف: وهو القرآن، سماه: نورًا؛ لما به يبصر الحق، وإن لم يكن هو بنفسه نورًا؛ كالنهار: سماه مبصرًا؛ لما به يبصر، وإن لم يكن هو كذلك.
وقال قتادة: (نُورًا مُبِينًا): هو هذا القرآن، وفيه بيانه ونوره وهداه، وعصمة لمن اعتصم به.
* * *
قوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ).
جعل الاعتصام به ما به ينال رحمته وفضله.
والاعتصام: هو أن يلتجأ إليه في كل الأمور، وبه يوكل، لا يلتجأ بمن دونه، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا)
كأنه - واللَّه أعلم - على التقديم والتأخير: " فأما الذين آمنوا باللَّه واعتصموا به، ويهديهم إليه صراطًا مستقيمًا؛ فسيدخلهم في رحمة منه "، يعني: الجنة " وفضل "؛ كقوله تعالى: (فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ).
* * *
قوله تعالى: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -:، (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ).
ذكر الاستفتاء، ولم يذكر: فيم استفتوا؟ لكن في الجواب بيان أن الاستفتاء فيم كان، وقال: (قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ).
والكلالة: ما ذكر: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي. . .) إلى آخر ما ذكر.