ذلك خصوصية.

وأصله أنه سمي كلمة اللَّه لما ألقاها إلى مريم، ولا ندري أية كلمة كانت؛ وإنما خلقه بكلمته التي ألقاها إليها؛ فسمي بذلك، كما خلق آدم من تراب؛ فنسب إليه، وحواء خلقها من ضلع آدم؛ فنسبها إليه، وسائر الخلائق خلقهم من النطفة؛ فنسبهم إليها؛ فعلى ذلك عيسى، لما خلقه بكلمة ألقاها إليها - نسب إليه، لكن في آدم وغيره من الخلائق ذكر فيهم التغيير من حال إلى حال، ولم يذكر ذلك في عيسى؛ فيحتمل أن يكون له الخصوصية بذلك، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَرُوحٌ مِنْهُ) كقوله - تعالى -: (فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا) فسمي لذلك روحًا؛ لما به كان يحيي الموتى؛ ألا ترى أنه سمى القرآن روحًا، وهو قوله - تعالى -: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا)، سماه روحًا؛ لما به يحيي القلوب، كما يحيي الأبدان بالأرواح.

وقيل: (وَرُوحٌ مِنْهُ) أي: أحياه اللَّه وجعله روحًا.

وقيل: (وَرُوحٌ مِنْهُ) أي: رسولا منه.

وقيل: (وَرُوحٌ مِنْهُ) أي: أمر منه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ. . .)

لأن الرسل كلهم لم يدعوكم إلى الذي أنتم عليه أنه ثالث ثلاثة؛ إنما دعاكم الرسل أنه اللَّه إله واحد لا شريك له ولا ولد.

(انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ).

بما ذكرنا بالآية الأولى.

وقوله: (وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ) بالرفع، أي: لا تقولوا: هو ثلاثة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ)

نزه نفسه عن عظيم ما قالوا فيه بأن له ولدًا، ثم أخبر أن له ما في السماوات وما في الأرض؛ وإنَّمَا يُتَّخَذُ الولد لإحدى خصال ثلاث: إما لحاجة تمسه؛ فيدفعها به عن نفسه، أو لوحشة تصيبه؛ فيستأنس به، أو لخوف غلبة العدو؛ فيستنصر به ويقهره، أو لما يخاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015