(164)

بذلك.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ. . .) ومن ذكر.

يحتمل ذكر إبراهيم ومن ذكر من أولاده بعد قوله: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ) - على التخصيص لإبراهيم ومن ذكر؛ لأنه ذكر النبيين من بعد نوح؛ فدخلوا فيه، ثم خصهم بالذكر؛ تفضيلأ وتخصيصًا لهم.

ويحتمل أن يكون قوله - تعالى -: (وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ): الرسل الذين كانوا بعد نوح قبل إبراهيم، ثم ابتدأ الكلام فقال: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ. . .) ومن ذكر.

وفي حرف حفصة - رضي اللَّه عنها -: " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح، وكما أوحينا إلى الرسل من بعدهم، وكما أوحينا إلى إبراهيم "؛ فهذا يدل على ما ذكرنا من ابتداء الذكر لهم، واللَّه أعلم.

والآية ترد على القرامطة مذهبهم؛ لأنهم يقولون: الرسل ستة، سابعهم قائم الزمان؛ لأنه ذكر في الآية من الرسل أكثر من عشرة؛ فظهر كذبهم بذلك، ومخايلهم التي سول لهم الشيطان وزين في قلوبهم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ... (164)

ذكر في بعض القصة: أن اليهود قالوا: ما بال موسى لم يذكر فيمن ذكر من الأنبياء؟ فأنزل اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ) هَؤُلَاءِ بمكة في " الأنعام " وفي غيرها؛ لأنه قيل: إن هذه السورة مدنية.

ثم في قوله: (وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) دلائل من وجوه:

أحدها: أن معرفة الرسل بأجمعهم واحدًا بعد واحد - ليس من شرط الإيمان بعد أن يؤمن بهم جميعًا؛ لأنه أخبر - عَزَّ وَجَلَّ - أن من الرسل من لم يقصصهم عليه، ولو كان معرفتهم من شرط الإيمان لقصهم عليه جميعًا، لا يحتمل ترك ذلك؛ دل أنه ليس ذلك من شرط الإيمان، واللَّه أعلم.

والثاني: أن الإيمان ليس هو المعرفة، ولكنه التصديق؛ لأنه لم يؤخذ عليه عدم معرفة الرسل، وأخذ بتصديقهم والإيمان بهم جملة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015