وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) الآية، هذا في الميراث. وأما في الحقوق فقال اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ). ويحتمل غيرها من الحقوق سوى حقوق النكاح، فترك البيان في الجواب؛ لما ذكر واحدًا فواحدًا في غيرها من الآي؛ إذ الجواب خرج مخرج العدة أنه يفعل بقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يُفتِيكُمْ)، وقد فعل هذا، واللَّه أعلم.
ويحتمل غير هذا: وهو أن يترك البيان في السؤال والجواب؛ لنوازل يعرفها أهلها، لم يحتج إلى بيان ما وقع به السؤال؛ لمعرفة أهلها به.
ويحتمل ما قاله أهل التأويل: وهو أنهم كانوا لا يورثون النساء ولا الصغار من الأولاد؛ وإنما كانوا يورثون المقاتلة من الرجال والذين يحرزون الغنائم، فلما بين اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - للنساء وللصغار نصيبًا في الأموال، وفرض لهم حقًّا، سألوا عند ذلك رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك؛ فأنزل اللَّه - تعالى -: (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ)، وكذلك روي عن ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنه - وذكر القصة هكذا، واللَّه أعلم.
ويحتمل: أن يكون السؤال وقع عن يتامى النساء؛ ألا ترى أنه قال - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ) الآية.
قيل: كانت اليتيمة في حجر الرجل ذات مال؛ يرغب عن أن يتزوجها لدمامتهما، ويمنعها عن الأزواج؛ رغبة في مالها، وهكذا روي عن عائشة، رضي اللَّه عنها.
وعلى ذلك يخرج قوله: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ. . .) الآية.
وقوله: (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ)
هذا - واللَّه أعلم - كأنه معطوف، على قوله: (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ)، والمستضعضون من الولدان، على ما ذكرنا من الميراث والحقوق.
(وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ)
في إبقاء حقوقهم وأداء ما لهم عليكم.