أعلم.

وقيل: إنما هو: لله خصائص في أهل الخيرة من الرسل وأولي العزم منهم: اختصهم بأسماء عرفن في الفضائل والكرامات، نحو القول بكليم اللَّه، وروح اللَّه، وذبيح اللَّه، وحبيب اللَّه؛ فعلى ذلك كان لإبراهيم - عليه السلام - خصوصية في الاسم؛ فسماه الله خليلا؛ فنحن نقول - وباللَّه التوفيق -: ونحن نعلم بأن اللَّه - تعالى - لا يسميه بالذي ذكر عبثًا باطلا؛ ولكنه سماه به تعظيمًا لقدره، وإظهارًا لكرامته، وبيانًا لمنزلته عنده لما شاء من الوجوه التي لعلها لم يطلع عليها من الخلق، ولا يحتمل أن يدرك ذلك إلا بالوحي؛ فحق ذلك علينا تعظيمه ومعرفته بالذي اختصه اللَّه واصطفاه، دون تكلف المعنى الذي له كان ذلك، مع ما لا وجه ولا معنى صار حقيق ذلك وأكرم به، إلا بمعنى أكرمه اللَّه وأكرمه بفضل اللَّه ورحمته؛ فلله أن يبتدئه بالخلة ثم يكرمه بأنواع الكرامات التي هي آثار الخلة، وأن يكرمه بأنواع الكرامات التي لديها تقع كرامات الخلة ويصلح، ولله المنُّ في ذلك والفضل، وعلينا الحمد لله والشكر؛ بما أكرمنا من معرفة كرام خلقه، وجعل قلوبنا عامرة بمودتهم حتى صاروا - بفضل اللَّه ورحمته - أحب إلينا من أمسِّ الخلق بنا، بل من أنفسنا، ولا قوة إلا باللَّه.

ثم ليس للنصارى ادعاء البنوة للَّهِ من حيث الكرامة على الاعتبار بالخلة؛ لأن اللَّه - سبحانه وتعالى - عظم أمر الأولاد حتى جعله كالشرك، ولا كذلك أمر الخلة، ولأن أمر الأولاد حقه المجانسة، والخلة حقه الموافقة.

ثم أصل الأولاد: الشهوة والحاجة، والخلة: الطاعة والتعظيم، مما يرجع أحد الوجهين إلى شهوة الولد وحاجته، والآخر إلى تعظيم يكون من ذلك العبد وتبجيله والطاعة له والخضوع.

ثم الأصل: أن المعنى الذي تقتضيه الخلة قد يجوز أن يظفر كلٌّ بالطاعة، وإن كان الاسم له في حق النهاية؛ نحو قوله - تعالى -: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ. . .) الآية وقوله - تعالى -: (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)، والمحبة قريبة من الخلة، ومحال أن يحق معنى الأولاد والبنوة بشيء من الطاعة؛ لذلك اختلف الأمران، واللَّه أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015