وحديث عمر هذا يبين أن الكلالة، اسم يقع على الإخوة من الأم ويقع على الإخوة من الأب، ويقع على الإخوة من الأب والأم، وهو ما ذكرنا في قول أبي بكر الصديق وعمر - رضي اللَّه عنهما - أن الكلالة ما عدا الولد والوالد، فكانوا يذهبون - واللَّه أعلم - أن الأعمام وبني الأعمام يرجعون في النسب مع الميت إلى جده، وقد تكللهم الجد، وكذلك الأخوال والخالات وأولادهم يرجعون مع الميت إلى جده أبي أمه، وقد تكللهم أبو الأم؛ فسبيلهم في ذلك سبيل الإخوة والأخوات الذين تكللهم الأب والأم، إلا أنهم لما كانوا أبعد في النسب من الإخوة والأخوات لم يرثوا معهم، فأجمعوا أن معنى قوله - سبحانه وتعالى -: (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ)، هو في الأخت من الأب والأم، أو من الأب، إذا مات الرجل ولا ولد له ذكر ولا أنثى يعطى الأخت النصف تسمية، فقال قوم من الشيعة: الآية تدل على أنه إن ترك ابنة وأختا أن المال كله للابنة، ولا شيء للأخت؛ لأن اللَّه - تعالى - جعل لها الميراث إذا لم يكن له ولد؛ فسوى الذكر والأنثى من الأولاد.
وليس الأمر كما قالوا؛ لأنا إذا جعلنا للابنة النصف وجعلنا ما بقي للأخت فلم نعطها ما أعطيناها بالتسمية؛ ألا ترى أنه لو كانتا أختين كان لهما عندنا ما بقي، ولو جعلنا ذلك لهما تسمية، أعطيناهما الثلثين؛ لأن اللَّه - تعالى - جعل لهما الثلثين بالتسمية، وليس سبيل ما تأخذه الأخت بالتسمية لا ينقص منها شيئًا ما تأخذه من الباقي بغير تسمة؛ ألا ترى أن اللَّه - تعالى - جعل للأبوين السدسين مع الولد، فإن كانت ابنة وأبًا فلها النصف، وما بقي للأب، فقد أعطينا الأب أكثر مما سمى اللَّه - تعالى - ولكنا لم نعطه الزيادة بالتسمية؛ فلم يلزمنا الخلاف في زيادثه، فإن خالفونا في ذلك، قيل: قد سبق لذلك جواب ما يدل على أن الأب بالباقي أولى من الابنة؛ لذلك لم نذكره في هذا الموضع.
فإن قال: الابنة أولى بما زاد على النصف؛ لأن اللَّه - تعالى - قال: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ)؛ فكانت الابنة أحق بذلك من غيرها.