وجعلوا الأخوين إخوة، والفرائض على اختلافها اتفقت في أن حكم الاثنين حكم الأكثر؛ فكذلك في حق الحجاب، واللَّه أعلم.

وحجة أخرى: وهي أن اللَّه - تعالى - حكم في (الْكَلَالَةِ) إذا كان واحدًا أن له السدس، (فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ)؛ فجعل حكم الاثنين والثلاثة واحدًا يشتركون في الثلث؛ فوجب أن يكون حكم الاثنين والثلاثة من الإخوة في حجب الأم عن الثلث سواء.

وحجة أخرى: وهي أن اللَّه - تعالى - جعل للأختين من الأب والأم الثلثين، وسوى بين حكم الأختين والثلاث في الميراث؛ فعلى ذلك يجب أن يستوي حكم الأخوين والثلاث في حجاب الأم عن الثلث.

ثم المسألة بيننا وبين الروافض: زعمت الروافض أن الإخوة من الأم لا تحجب الأم عن الثلث؛ لأنهم منها، فمن البعيد أن يحجبوها، ويمنعوا ذلك عنها، ويجعلون ذلك لغيرها، يضرون بالأم وينْفَعونَ غيرها؛ وقد قال - تعالى -: (آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً).

والثاني: أن الحجاب قد يجوز أن يقع بمن يحصل له ما حجب عنها نحو الإخوة من الأب والأم إذا حجبوا الأم عن الثلث وقع لهم ذلك، وأمَّا الإخوة من الأم فإن وقع لهم الحجاب لم يجعل لهم ذلك المحجوب منها؛ فلا يحتمل الحجاب بهم.

وأما عندنا: فإنه ليس لهم بحق القرب والبعد ما يحجبون، ولكن بحق الميت، فإذا كان ما ذكرنا؛ فسواء كانوا من قبل الأم أو من قبل الأب في حق الحجاب.

والثاني: أن المواريث جعلت بحق الابتداء لا بحق المورثين؛ لما لا يحتمل أن يختار المورث من هو أبعد على من هو أقرب، نحو من يموت عن ابنة وابن عم، لا يحتمل أن يختار ابن العم على الابنة في النصف الباقي؛ دل أنه على الابتداء.

ونقول في الإخوة في الأم: إنهم في الحجاب كالأخوة من الأب والأم، وإن كان الحق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015