الممتحن من العقل؛ إذ كان العقل قد يعرف بالمحنة والاحتلام لا؛ فأمرنا بالابتلاء من حيث العقول، ولم نؤمر من حيث الاحتلام، بل يقبل قوله في ذلك.

ودل قبول قول من بلغ بالإخبار عن احتلامه، وبه يجري القلم عليه، ويلزم الحقوق - أن يقبله، يجوز في ذلك الوقت -وبخاصة على قول من يرى الابتلاء بعد الإدراك- أنه لو لم يقبل فبم نبتليه؟ ثم إذا جاز قوله لزم كل أمر علق به، وعلى ما ذكرت من أول ما علق به القول في حق البلوغ دليل اتصال حكم القول بالعقل، وتمام العقل بالبلوغ؛ إذ به يجري القلم.

ودل ما ذكرت من امتناع اللسان عن سلطان غير صاحبه عليه - على لزوم كل حق معلق به على الإكراه؛ إذ لا يلزم بغيره، وهو لا يجري عليه، ثم كل أمر يكون لا به يصير اللسان سببا فيه كَالْمُعْلِم عنه، وهو مما يجري عليه القهر، ويعلم به؛ فيبطل، والله أعلم.

وقوله: (وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا)

الإسراف: هو كل ما نُهي عنه.

وقيل: الإسراف: هو أكل في غير حق؛ وكأن الإسراف هو المجاوزة عن الحد، وهو كقوله: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا)، وكان القتر مذمومًا، فعلى ذلك الإسراف في النفقة في مال اليتيم.

وقوله - تعالى -: (إِسْرَافًا وَبِدَارًا)، قيل: البدار: هو المبادرة، وكلاهما لغتان، كالجدال والمجادلة، وهو أن يبادر بأكل مال اليتيم؛ خشية أن يكبر؛ فيحول بينه وبين ماله. وهو قول ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وفي حرف ابن مسعود - رضي اللَّه عنه -: " ولا تأكلوها إسرافًا وبدارا خشية أن يكبروا ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015