(182)

فَإِنْ قِيلَ: ما الحكمة في قوله: (وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ)، والأنبياء - عليهم السلام - لا يرتكبون ما يجب به قتلُهم؛ كقوله - تعالى - (الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ. . .) الآية، أطلق القول فيه من غير ذكر اكتساب شيء يستوجب به ذلك، وشرط في المؤمنين اكتساب ما يستوجبون به؛ كقوله: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا. . .) الآية، فكيف ذكر هاهنا - القتل بغير حق، وهم لا يكتسبون ما يستوجبون به القتل؟! قيل: يحتمل قوله: بغير حق، أي: بغير حاجة؛ لأنهم كانوا يقتلون بلا منفعة تكون لهم في قتلهم؛ على ما قيل: إنهم كانوا يقتلون كذا كذا نبيا، ثم يهيج لهم سوق؛ فإذا كان كذلك يحتمل قوله: (بِغَيْرِ حَقٍّ)، أي: بغير حاجة؛ كقول لوط - عليه السلام -: (هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) فقالوا: (مَا لنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ)، أي: من حاجة، واللَّه أعلم.

ويحتمل قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ)، أي: قصدوا قصد قتل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ فكأنْ قد قتلوه، أو قتلوا أصحابه - رضي اللَّه عنهم - فأضيف إليهم، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ):

أي: الْمُحْرِق، وقد ذكرنا هذا.

وقوله: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ (182)

ذكر الأيدي؛ لما بالأيدي يقدم، وإن لم يكن هذا مقدمًا باليد في الحقيقة؛ وكذلك (فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)، لما باليد يكتسب، واللَّه أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015