تعالى - سكينته على قلوبهم؛ ليزيد لهم بذلك إيمانًا؛ كقوله - تعالى -: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ. . .) الآية، وباللَّه التوفيق.
ثم معنى زيادة الإيمان يتخرج على وجوه:
أحدها: بحق الابتداء في حادث الوقت؛ إذ له حكم التجدد في حق الأفعال بما هو للكفر به تارك؛ وعلى ذلك قوله - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا. . .) الآية، فيكون ذلك بحق الزيادة على ما مضى، وإن كان بحق التجدد في حق الحادث والفرد.
والثاني: أن يكون له الثبات عليه؛ إذ حجج الشيء توجب لزومه، والدوام عليه؛ فسمى ذلك زيادة.
ويحتمل: أن يكون يزداد له في أمره بصيرة، وعلى ما رغب فيه إقبالا، ولحوقه مراعاة؛ فيكون في ذلك زيادة في قوته أو في نوره، أو بزينته وتمامه، وذلك أمر معروف.
ويحتمل: أن يكون ذلك داع إلى محافظة حقوق، والتمسك بأدلته، والوفاء بشرائطه؛ فيزيد ذلك فضله؛ كما عدت صلاة واحدة في التحقيق ألفا؛ بما في ذلك من حفظ الحقوق ومراعاتها، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ):
فزعوا إلى اللَّه - تعالى - بما رأوا من صدق وعد رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لهم وظهور كذب قول المنافقين: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ. . .) الآية، أو قالوا ذلك عند قول المنافقين إياهم: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ)؛ فوضوا أمرهم إلى اللَّه تعالى، وسلموا لما رأوا النصر منه؛ رضاء منهم بكل ما يصيبهم، كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ): مدحهم اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - بما رأوا أنفسهم لله؛ فكذلك هذا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاللََّهُ ذُو فَفحلٍ عَظِيم).
أي: ذو من عظيم، يدفع المشركين عن المؤمنين.
وقرله - عَزَّ وَجَلَّ -. (وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)
يحتمل النعمة: نعمة الدِّين، على ما ذكرنا.