(171)

(172)

بدار الحرب يحكم في نفسه وماله بحكم الموتى في قسمة المواريث، وقضاء الديون وغيرها، وإن كان هو في الحقيقة حيًّا على ما حكم في أموال الشهداء وأنفسهم بحكم الموتى في حكم الدنيا؛ لما لا يعودون إلى الدنيا، وإن كانوا عند ربهم أحياء؛ فعلى ذلك يحكم في نفس المرتد وأمواله بحكم الموتى؛ لما لا يعود إلى دارنا، وإن كان هو في الحقيقة حيًّا عند اللَّه لما جاز أن يكون حيًّا عند اللَّه، ميتًا عندنا، وجاز أن يكون ميتًا عندنا حيًّا عند اللَّه، واللَّه أعلم.

وحياة الطبيعي: هو حياة جوهر، وما به يقوم النفس، وموت الطبيعي هو هلاكه، وفوته واللِّه أعلم.

وموت العرضي: هو جهله؛ واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ (171)

يحتمل (بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ) أي: بدين من اللَّه؛ كقوله - تعالى -: (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)، قيل: بدينه، ويحتمل: (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ): الجنة، (وَفَضْلٍ): زيادات لهم وكرامات من اللَّه، عَزَّ وَجَلَّ.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ):

أي: لا يضيع من حسناتهم وخيراتهم وإن قل وصغر؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا)، وكقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ)، كقوله - تعالى -: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ. . .) الآية.

* * *

قوله تعالى: (مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ):

قيل: أجابوا اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - والرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إلى ما دعاهم إليه، وأطاعوا فيما أمرهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015