ويحتمل: ويتخذ منكم شهداء على الناس؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ)، وفيه دلالة أنهم لا يستوجبون بنفس الإيمان الشهادة على الناس، حتى تظهر الصيانة والعدالة في أنفسهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا (141) أي: يمحص ذنوبهم وسيئاتهم.
وقوله: - عَزَّ وَجَلَّ - (وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ): أي: يهلكهم ويستأصلهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا): ما ذكرنا من تمحيص الذنوب على ما روي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " السَّيفُ مَحَّاءٌ لِلذُّنُوبِ ".
(وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ): أي: يهلكهم، ولا يكون السيف تمحيصًا لهم من الكفر، بل يهلكهم في النار.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ (142)
قيل: بل حسبتم أن تدخلوا الجنة.
(وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ).
قيل فيه بوجهين:
قيل: (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ): أي: ولم يعلم اللَّه الذين جاهدوا منكم؛ أي: لم يجاهدوا.
وقيل: (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ)، و " لما " بمعنى: " إلا يعلم "، بمعنى: لا تدخلون الجنة إلا أن يعلم اللَّه الذين جاهدوا منكم؛ وهو كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ): من قرأ بالتشديد؛ فكان معناه:، إلا عليها حافظ "، ومن قرأ بالتخفيف؛ فمعناه: لَعَلَيها حافظ، و " ما " صلة.
وفي قوله - عَزَّ وَجَلَّ -؛ (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ)، أي: ظننتم ذلك، (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ)، وقال في موضع آخر: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ) الآية.