وفي قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ) يحتمل في المكذبين بالرسل والمصدقين، (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) يحتمل: لو سرتم فيها لرأيتم آثارهم، ولعرفتم بذلك ما إليه ترجع عواقب الفريقين.
ويحتمل: الأمر بالتأمل في آثارهم، والنظر في الأنباء عنهم؛ ليكون لهم به العبر، وعما هم عليه مزدجر.
ويحتمل " السنن ": الموضوع من الأحكام، وبما به امتحن من قبلهم؛ ليعلموا أن الذي بلوا به ليس ببديع؛ بل على ذلك أمر من تقدمهم؛ كقوله. (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ)؛ وكقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ)، واللَّه أعلم.
وقوله: (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ (138)
يحتمل قوله: (هَذَا بَيَانٌ) يعني: القرآن؛ هو بيان للناس، وهدى من الضلالة.
(وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) أي: يتعظ به المتقون.
ويحتمل (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ): ما ذكر من السنن التي في الأمم الخالية.
دل قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)، أن لله في صرف الدوْلة إلى أهل الشرك فعل وتدبير؛ إذ أضاف ذلك إليه ما به الدولة، ثم ذلك معصية وقهر وتذليل، فثبت جواز كون ما هو فعل معصية إلى اللَّه من طريق التخليق والتقدير، واللَّه أعلم؛ إذ ذلك لهم بما هم عصاة به - عَزَّ وَجَلَّ - واللَّه أعلم.
وقوله: (وَلَا تَهِنُوا (139)
ولا تضعفوا في محاربة العدو، ولا تحزنوا بما يصيبكم من الجراحات والقروح؛ كقوله - تعالى -: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ)، ويحتمل قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا تَهِنُوا): في الحرب وأنتم تعملون لله؛ إذ هم لا