وقرأ الباقون بسكون الميم وضم الهاء ما لم يكن قبلها ياءٌ ساكنةٌ أو كسرةٌ، إلا حمزةَ فإنه ضمَّ الهاءَ من (عَليهم) و"لديهم "، "إليهم " خاصة 1.

وقرأ ورش بضمِّ الميم إذا لقيتها همزة القطع 2 وسَكّن فيما عدا ذلك، وإنما فعل ذلك ليتمكّنَ من النّطْقِ بالهمزةِ لثقلِها، والأصل في هذه الهاء الضّمُّ لأنّهُ المطّردُ والكَسْرُ إنّما هو حيث يَكُونُ قَبْلَها ياءٌ سَاكِنَةٌ أوْ كَسْرَةٌ فعَلِمْنا أنَّ المطَّرِدَ هُوَ الأصْلُ وأنَّ المكْسُورَ إنَّما جَاءَ تابعاًِ لما قَبْلَهُ، وَلأِنَّكَ لَوْ ادَّعَيْتَ أنَّ الكَسْرَ كانَ الأَصْلَ لم تَجدْ لِلكَسْرِ مُوجباً، وإذَا ادَّعَيْت أنّ الضَمَّ هُوَ الأَصْلُ وَجَدْت لِلكَسْرِ مُوجباً.

وحَكَى سِيْبَوْيه عَن بعضِ العَرَبِ: مِنْهِم3 بكسر الْهَاءِ وَلَمْ يُعْتَدّ بالسّكوُنِ، وَهذا لا يَكادُ يُعَرَف لِقِلّة المتكلمين به.

وكذلك الميم أصْلُها الضمّ والكسر اتباع، لأنَّ الضمَّ مُطّردٌ والكسرُ غيرُ مُطّرِدٍ، وَلأَنّكَ إذا ادَّعيتَ أنّ الأصلَ الضمَّ وجدت أن للكَسْرِ موجَبَاً هو الاتباع، وَلَوْ جَعل الكَسْرَ هُوَ الأصْلُ لم تجد للضَّمّ موجباً، وكذلك الضمَّ في الميم والإتيان بالواو بعدها هو الأصلُ، وحذفُ المدّةِ وسكونُ الميم كان ثانياً 4، لأنّكَ إذا ادّعيت أنّ السُّكون هو الأصل لم تجد للحركة والمدَّةِ مُوجِباً، وإذا ادّعَيْتَ أنّ الأَصْلَ هُوَ الحَرَكَةُ والمدّةُ وَجَدْتَ لِلسُّكُونِ مُوجباً، وَذَلِكَ أنَّ العَرَبَ تَسْتَثْقِلُ توَالي خمس متحركات ألا ترى أنَّها لا تُوجد في أَوْزانِ الشعر، فسكنوا مثل ضَرَبَهم لتوالي 5 خمس متحركات، ثم جرى غيرهُ مجراه ليجرى على مثالٍ 6، ولأنَّ المؤنث والمثنى بعد الهاء فيهما حرفان، فيجبُ للمذكّر أنْ يَجْرِىَ على حُكْمِهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015