صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ مِنْ مِيقَاتِهِ، وَعَرَفُوا مَغْزَاهُ وَمُرَادَهُ، وَعَلِمُوا أَنَّ إِحْرَامَهُ مِنْ مِيقَاتِهِ كَانَ تَيْسِيرًا عَلَى أُمَّتِهِ. الثَّانِيَةُ- رَوَى الْأَئِمَّةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ (?)، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ (?)، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ (?)، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ (?)، هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ. وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا. وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَاسْتِعْمَالِهِ، لَا يُخَالِفُونَ شَيْئًا مِنْهُ. وَاخْتَلَفُوا فِي مِيقَاتِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَفِيمَنْ وَقَّتَهُ، فَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ (?). وَفِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَمَنْ رَوَى أَنَّ عُمَرَ وَقَّتَهُ لِأَنَّ العراق في وقته افْتُتِحَتْ، فَغَفْلَةٌ مِنْهُ، بَلْ وَقَّتَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا وَقَّتَ لِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ. وَالشَّامُ كُلُّهَا يَوْمئِذٍ دَارُ كُفْرٍ كَمَا كَانَتْ الْعِرَاقُ وَغَيْرُهَا يَوْمئِذٍ مِنَ الْبُلْدَانِ، وَلَمْ تُفْتَحِ الْعِرَاقُ وَلَا الشَّامُ إِلَّا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ، وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ السِّيَرِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: كُلُّ عِرَاقِيٍّ أَوْ مَشْرِقِيِّ أَحْرَمَ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ فَقَدْ أَحْرَمَ عِنْدَ الْجَمِيعِ مِنْ مِيقَاتِهِ، وَالْعَقِيقُ أَحْوَطُ عِنْدِهِمْ وَأَوْلَى مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ، وَذَاتُ عِرْقٍ مِيقَاتِهِمْ أَيْضًا بِإِجْمَاعٍ. الثَّالِثَةُ- أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمِيقَاتَ أَنَّهُ مُحْرِمٌ، وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَنْ رَأَى الْإِحْرَامَ عِنْدَ الْمِيقَاتِ أَفْضَلَ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يُضَيِّقَ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ مَا قَدْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَتَعَرَّضَ بِمَا لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَحْدُثَ فِي إِحْرَامِهِ، وَكُلُّهُمْ أَلْزَمَهُ الْإِحْرَامَ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ زَادَ ولم ينقص.