تفسير القرطبي (صفحة 7453)

وَالْفَسَادِ. وَقِيلَ: الْغَاسِقُ: الثُّرَيَّا، وَذَلِكَ أَنَّهَا إِذَا سَقَطَتْ كَثُرَتِ الْأَسْقَامُ وَالطَّوَاعِينُ، وَإِذَا طَلَعَتِ ارْتَفَعَ ذلك، قال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ. وَقِيلَ: هُوَ الشَّمْسُ إِذَا غَرَبَتْ، قَالَهُ ابْنُ شِهَابٍ. وَقِيلَ: هُوَ الْقَمَرُ. قَالَ الْقُتَبِيُّ: إِذا وَقَبَ الْقَمَرُ: إِذَا دَخَلَ فِي سَاهُورِهِ، وَهُوَ كَالْغِلَافِ لَهُ، وَذَلِكَ إذا خسف به. وكل شي أَسْوَدُ فَهُوَ غَسَقٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ: إِذا وَقَبَ إِذَا غَابَ. وَهُوَ أَصَحُّ، لِأَنَّ فِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ، فَقَالَ: [يَا عَائِشَةُ، اسْتَعِيذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ]. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ: وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الرِّيَبِ يَتَحَيَّنُونَ وَجْبَةَ الْقَمَرِ. وَأَنْشَدَ:

أَرَاحَنِي اللَّهُ مِنْ أَشْيَاءَ أَكْرَهُهَا ... مِنْهَا الْعَجُوزُ وَمِنْهَا الْكَلْبُ وَالْقَمَرُ

هَذَا يَبُوحُ وَهَذَا يُسْتَضَاءُ بِهِ ... وَهَذِهِ ضِمْرِزٌ قَوَّامَةُ السَّحَرِ (?)

وَقِيلَ: الْغَاسِقُ: الْحَيَّةُ إِذَا لَدَغَتْ. وَكَأَنَّ الْغَاسِقَ نَابُهَا، لِأَنَّ السُّمَّ يَغْسِقُ مِنْهُ، أَيْ يَسِيلُ. وَوَقَبَ نَابُهَا: إِذَا دَخَلَ فِي اللَّدِيغِ. وَقِيلَ: الْغَاسِقُ: كُلُّ هَاجِمٍ يَضُرُّ، كَائِنًا مَا كَانَ، مِنْ قَوْلِهِمْ: غَسَقَتِ الْقُرْحَةُ: إِذَا جَرَى صَدِيدُهَا. السَّادِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) يَعْنِي السَّاحِرَاتِ اللَّائِي يَنْفُثْنَ فِي عُقَدِ الْخَيْطِ حِينَ يَرْقِينَ عَلَيْهَا. شَبَّهَ النَّفْخَ كَمَا يَعْمَلُ مَنْ يَرْقِي. قَالَ الشَّاعِرُ:

أَعُوَذُ بِرَبِّي مِنَ النَّافِثَا ... تَ فِي عِضَهِ الْعَاضِهِ الْمُعْضِهِ (?)

وَقَالَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ:

نَفَثْتُ فِي الْخَيْطِ شَبِيهَ الرُّقَى ... مِنْ خَشْيَةِ الْجِنَّةِ وَالْحَاسِدِ

وَقَالَ عَنْتَرَةُ:

فَإِنْ يَبْرَأْ فَلَمْ أُنْفِثْ عَلَيْهِ ... وَإِنْ يَفْقِدْ فَحُقَّ لَهُ الفقود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015