فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
قَوْلُهُ تَعَالَى: فِي جِيدِها أَيْ عُنُقِهَا. وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وَجِيدٌ كَجِيدِ الرِّيمِ لَيْسَ بِفَاحِشٍ ... إِذَا هِيَ نَصَّتْهُ وَلَا بِمُعَطَّلِ «1»
حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ أَيْ مِنْ لِيفٍ، قَالَ النَّابِغَةُ:
مَقْذُوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحْضِ بَازِلُهَا ... لَهُ صَرِيفٌ صَرِيفَ الْقَعْوِ بِالْمَسَدِ «2»
وَقَالَ آخَرُ:
يَا مَسَدَ الْخُوصِ تَعَوَّذْ مِنِّي ... إِنْ كُنْتَ لَدْنًا لَيِّنًا فَإِنِّي
مَا شِئْتَ مِنْ أَشْمَطَ مُقْسَئِنِّ «3»
وَقَدْ يَكُونُ مِنْ جُلُودِ الْإِبِلِ، أَوْ مِنْ أَوْبَارِهَا، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيَانِقِ ... لَسْنَ بِأَنْيَابٍ وَلَا حَقَائِقِ «4»
وَجَمْعُ الْجِيدِ أَجْيَادٌ، وَالْمَسَدِ أَمْسَادٌ. أَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ حَبْلٌ يَكُونُ مِنْ صُوفٍ. قَالَ الْحَسَنُ: هِيَ حِبَالٌ مِنْ شَجَرٍ تَنْبُتُ بِالْيَمَنِ تُسَمَّى الْمَسَدَ، وَكَانَتْ تُفْتَلُ. قَالَ الضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُ: هَذَا فِي الدُّنْيَا، فَكَانَتْ تُعَيِّرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفَقْرِ وَهِيَ تَحْتَطِبُ فِي حَبْلٍ تَجْعَلُهُ فِي جِيدِهَا مِنْ لِيفٍ، فَخَنَقَهَا اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ بِهِ فَأَهْلَكَهَا، وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ حَبْلٌ من نار. وقال ابن عباس