تفسير القرطبي (صفحة 7412)

[تفسير سورة الكوثر]

تَفْسِيرُ سُورَةِ" الْكَوْثَرِ" وَهِيَ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ ابن عباس والكلبي ومقاتل. ومدنية في قول الحسن وعكرمة ومجاهد وقتادة. وَهِيَ ثَلَاثُ آيَاتٍ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الكوثر (108): آية 1]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (?)

فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ. إِنَّا أَعْطَيْناكَ بِالْعَيْنِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ:" أَنْطَيْنَاكَ" بِالنُّونِ، وَرَوَتْهُ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي الْعَطَاءِ، أَنْطَيْتُهُ: أَعْطَيْتُهُ. والْكَوْثَرَ: فَوْعَلُ مِنَ الْكَثْرَةِ، مِثْلَ النَّوْفَلِ مِنَ النَّفْلِ، وَالْجَوْهَرِ مِنَ الْجَهْرِ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ شي كَثِيرٍ فِي الْعَدَدِ وَالْقَدْرِ وَالْخَطَرِ كَوْثَرًا. قَالَ سُفْيَانُ: قِيلَ لِعَجُوزٍ رَجَعَ ابْنُهَا مِنَ السَّفَرِ: بِمَ آبَ ابْنُكِ؟ قَالَتْ بِكَوْثَرٍ، أَيْ بِمَالٍ كَثِيرٍ. وَالْكَوْثَرُ مِنَ الرِّجَالِ: السَّيِّدُ الْكَثِيرُ الْخَيْرِ. قَالَ الْكُمَيْتُ:

وَأَنْتَ كَثِيرٌ يَا بْنَ مَرْوَانَ طَيِّبٌ ... وَكَانَ أَبُوكَ ابْنُ الْعَقَائِلِ كَوْثَرَا

وَالْكَوْثَرُ: الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنَ الْأَصْحَابِ وَالْأَشْيَاعِ. وَالْكَوْثَرُ مِنَ الْغُبَارِ: الْكَثِيرُ. وَقَدْ تَكَوْثَرَ [إِذَا كَثُرَ]، قَالَ الشَّاعِرُ:

وَقَدْ ثَارَ نَقْعُ الْمَوْتِ حَتَّى تَكَوْثَرَا «1»

الثَّانِيَةُ- وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْكَوْثَرِ الَّذِي أُعْطِيَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ قَوْلًا: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ وَالتِّرْمِذِيُّ أَيْضًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015