تفسير القرطبي (صفحة 7307)

الْأَقْصَى. ابْنُ زَيْدٍ: التِّينُ: مَسْجِدُ دِمَشْقَ، وَالزَّيْتُونُ: مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَتَادَةُ: التِّينُ: الْجَبَلُ الَّذِي عَلَيْهِ دِمَشْقُ: وَالزَّيْتُونُ: الْجَبَلُ الَّذِي عَلَيْهِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: التِّينُ: مَسْجِدُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَالزَّيْتُونِ: مَسْجِدُ إِيلِيَاءَ. وَقَالَ كَعْبُ الاخبار وَقَتَادَةُ أَيْضًا وَعِكْرِمَةُ وَابْنُ زَيْدٍ: التِّينُ: دِمَشْقُ، وَالزَّيْتُونُ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ. وَهَذَا اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَقُولُ: التِّينُ: جِبَالٌ مَا بَيْنَ حُلْوَانَ إِلَى هَمَذَانَ، وَالزَّيْتُونُ: جِبَالُ الشَّامِ. وَقِيلَ: هُمَا جَبَلَانِ بِالشَّامِ، يُقَالُ لَهُمَا طُورُ زَيْتَا وَطُورُ تِينَا (بِالسُّرْيَانِيَّةِ) سُمِّيَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا يُنْبِتَانِهِمَا. وَكَذَا رَوَى أَبُو مَكِينٌ عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: التِّينُ وَالزَّيْتُونُ: جَبَلَانِ بالشام. وقال النابغة:

... أتين التين عن عرض (?)

وَهَذَا اسْمُ مَوْضِعٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ وَمَنَابِتِ التِّينِ وَالزَّيْتُونِ. وَلَكِنْ لَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ، وَلَا مِنْ قَوْلِ مَنْ لَا يُجَوِّزُ خلافه، قاله النحاس. الثانية- وَأَصَحُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهُ الْحَقِيقَةُ، وَلَا يُعْدَلُ عَنِ الْحَقِيقَةِ إِلَى الْمَجَازِ إِلَّا بِدَلِيلٍ. وَإِنَّمَا أَقْسَمَ اللَّهُ بِالتِّينِ، لِأَنَّهُ كَانَ سِتْرَ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ (?) [الأعراف: 22] وَكَانَ وَرَقَ التِّينِ. وَقِيلَ: أَقْسَمَ بِهِ لِيُبَيِّنَ وَجْهَ الْمِنَّةِ الْعُظْمَى فِيهِ، فَإِنَّهُ جَمِيلُ الْمَنْظَرِ، طَيِّبُ الْمَخْبَرِ، نَشِرُ (?) الرَّائِحَةِ، سَهْلُ الْجَنْيِ، عَلَى قَدْرِ الْمُضْغَةِ. وَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ فِيهِ:

انْظُرْ إِلَى التِّينِ فِي الْغُصُونِ ضُحًى ... مُمَزَّقَ الْجِلْدِ مَائِلَ الْعُنُقِ

كَأَنَّهُ رَبُّ نِعْمَةٍ سُلِبَتْ ... فَعَادَ بَعْدَ الْجَدِيدِ فِي الْخَلَقِ

أَصْغَرُ مَا فِي النُّهُودِ أَكْبَرُهُ ... لَكِنْ يُنَادَى عَلَيْهِ فِي الطُّرُقِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015