قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) أَيْ بِطُغْيَانِهَا، وَهُوَ خُرُوجُهَا عَنِ الْحَدِّ فِي الْعِصْيَانِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِطَغْواها أَيْ بِعَذَابِهَا الَّذِي وُعِدَتْ بِهِ. قَالَ: وَكَانَ اسْمُ الْعَذَابِ الَّذِي جَاءَهَا الطَّغْوَى، لِأَنَّهُ طَغَى عَلَيْهِمْ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: بِطَغْواها بِأَجْمَعِهَا. وَقِيلَ: هُوَ مَصْدَرٌ، وَخَرَجَ عَلَى هَذَا الْمَخْرَجِ، لِأَنَّهُ أَشْكَلُ بِرُءُوسِ الْآيِ. وَقِيلَ: الْأَصْلُ بِطَغْيَاهَا، إِلَّا أَنَّ" فَعَلَى" إِذَا كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ أُبْدِلَتْ فِي الِاسْمِ وَاوًا، لِيُفْصَلَ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْوَصْفِ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِفَتْحِ الطَّاءِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَالْجَحْدَرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ (بِضَمِّ الطَّاءِ) عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ، كَالرُّجْعَى وَالْحُسْنَى وَشِبْهِهِمَا فِي الْمَصَادِرِ. وَقِيلَ: هُمَا لُغَتَانِ. (إِذِ انْبَعَثَ) أَيْ نَهَضَ. (أَشْقاها) لِعَقْرِ النَّاقَةِ. وَاسْمُهُ قِدَارُ بْنُ سَالِفٍ. وَقَدْ مَضَى فِي" الْأَعْرَافِ" (?) بَيَانُ هَذَا، وَهَلْ كَانَ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً. وَفِي الْبُخَارِيِّ عن عبد الله ابن زَمْعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا، انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ (?) مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ) وذكر الحديث. خرجه مسلم أيضا. وروى الضحاك عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ له: [أَتَدْرِي مَنْ أَشْقَى الْأَوَّلِينَ [قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: (عَاقِرُ النَّاقَةِ- قَالَ- أَتَدْرِي مَنْ أَشْقَى الْآخِرِينَ) قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: [قَاتِلُكُ [(فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ) يَعْنِي صَالِحًا. (ناقَةَ اللَّهِ) ناقَةَ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّحْذِيرِ، كَقَوْلِكَ: الْأَسَدَ الْأَسَدَ، وَالصَّبِيَّ الصَّبِيَّ، وَالْحِذَارَ الْحِذَارَ. أَيْ أَحُذِرُوا نَاقَةَ اللَّهِ، أَيْ عَقْرَهَا. وَقِيلَ: ذَرُوا نَاقَةَ اللَّهِ كَمَا قَالَ: هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ (?) عَذابٌ أَلِيمٌ. [الأعراف: 73]. (وَسُقْياها) أَيْ ذَرُوهَا وَشِرْبَهَا. وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ" الشُّعَرَاءِ" (?) بَيَانُهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَأَيْضًا فِي سورة اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ (?) [القمر: 1]. فَإِنَّهُمْ لَمَّا اقْتَرَحُوا النَّاقَةَ، وَأَخْرَجَهَا لَهُمْ مِنَ الصَّخْرَةِ، جَعَلَ لَهُمْ شِرْبَ يَوْمٍ مِنْ بِئْرِهِمْ، وَلَهَا شِرْبُ يَوْمٍ مَكَانَ ذَلِكَ، فَشَقَّ ذَلِكَ عليهم.