(فَادْخُلِي فِي عِبادِي) أَيْ فِي أَجْسَادِ عِبَادِي، دَلِيلُهُ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَالَهُ الضَّحَّاكُ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْجَنَّةَ هِيَ دَارُ الْخُلُودِ الَّتِي هِيَ مَسْكَنُ الْأَبْرَارِ، وَدَارُ الصَّالِحِينَ وَالْأَخْيَارِ. وَمَعْنَى فِي عِبادِي أَيْ فِي الصَّالِحِينَ مِنْ عبادي، كما قال: لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ «1» [العنكبوت: 9]. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: فِي عِبادِي أَيْ فِي حِزْبِي، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. أَيِ انْتَظِمِي فِي سِلْكِهِمْ. (وَادْخُلِي جَنَّتِي) معهم.
سُورَةُ" الْبَلَدِ" مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقٍ. وَهِيَ عِشْرُونَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لَا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (?)
يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لَا زَائِدَةً، كَمَا تَقَدَّمَ فِي لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ «2» [الْقِيَامَةِ: 1]، قَالَهُ الْأَخْفَشُ. أَيْ أُقْسِمُ، لِأَنَّهُ قَالَ: بِهذَا الْبَلَدِ وَقَدْ أَقْسَمَ بِهِ فِي قَوْلِهِ: وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ [التين: 3] فَكَيْفَ يُجْحَدُ الْقَسَمُ بِهِ وَقَدْ أَقْسَمَ بِهِ. قَالَ الشَّاعِرُ:
تَذَكَّرْتُ لَيْلَى فَاعْتَرَتْنِي صَبَابَةٌ ... وَكَادَ صَمِيمُ الْقَلْبِ لَا يَتَقَطَّعُ
أَيْ يَتَقَطَّعُ، وَدَخَلَ حَرْفُ لَا صِلَةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ «3» [الأعراف: 12] بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي [ص]: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ «4». [ص: 75]. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَالْأَعْمَشُ وَابْنُ كَثِيرٍ لَأُقْسِمُ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ بَعْدَ اللَّامِ إِثْبَاتًا. وَأَجَازَ الْأَخْفَشُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى (أَلَا). وَقِيلَ: لَيْسَتْ بِنَفْيِ الْقَسَمِ، وَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ الْعَرَبِ: لَا وَاللَّهِ لَا فَعَلْتُ كَذَا، وَلَا وَاللَّهِ مَا كان