ذاتِ الْعِمادِ يَعْنِي إِحْكَامَ الْبُنْيَانِ بِالْعُمُدِ. وَفِي الصِّحَاحِ: وَالْعِمَادُ: الْأَبْنِيَةُ الرَّفِيعَةُ، تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ. قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
وَنَحْنُ إِذَا عِمَادُ الْحَيِّ خَرَّتْ ... عَلَى الْأَحْفَاضِ نَمْنَعُ مَنْ يَلِينَا
وَالْوَاحِدَةُ عِمَادَةٌ. وَفُلَانٌ طَوِيلٌ الْعِمَادِ: إِذَا كَانَ مَنْزِلُهُ مَعْلَمًا لِزَائِرِهِ. وَالْأَحْفَاضُ: جَمْعُ حَفَضٍ (بِالتَّحْرِيكِ) وَهُوَ مَتَاعُ الْبَيْتِ إِذَا هُيِّئَ لِيُحْمَلَ، أَيْ خَرَّتْ عَلَى الْمَتَاعِ. وَيُرْوَى، عَنِ" الْأَحْفَاضِ" أَيْ خَرَّتْ عَنِ الْإِبِلِ الَّتِي تَحْمِلُ خُرْثِيَّ «1» الْبَيْتِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: ذاتِ الْعِمادِ ذَاتُ الْقُوَّةِ وَالشِّدَّةِ، مَأْخُوذٌ مِنْ قُوَّةِ الْأَعْمِدَةِ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً «2» [فصلت: 15]. وَرَوَى عَوْفُ عَنْ خَالِدٍ الرَّبْعِيِّ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ قَالَ: هِيَ دِمَشْقُ. وَهُوَ قَوْلُ عِكْرِمَةَ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ. رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: هِيَ الإسكندرية.
الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ (8)
لضمير فِي مِثْلُها يَرْجِعُ إِلَى الْقَبِيلَةِ. أَيْ لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُ الْقَبِيلَةِ فِي الْبِلَادِ: قُوَّةً وَشِدَّةً، وَعِظَمَ أَجْسَادٍ، وَطُولَ قَامَةٍ، عَنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ. وَفِي حَرْفِ عَبْدِ اللَّهِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهُمْ فِي الْبِلَادِ. وَقِيلَ: يَرْجِعُ لِلْمَدِينَةِ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، حَسَبَ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَمَنْ جَعَلَ إِرَمَ مَدِينَةً قَدَّرَ حَذْفًا، الْمَعْنَى: كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِمَدِينَةِ عَادٍ إِرَمَ، أَوْ بَعْدَ صَاحِبِهِ إِرَمَ. وَإِرَمُ عَلَى هَذَا: مُؤَنَّثَةٌ مَعْرِفَةٌ. وَاخْتَارَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّهَا دِمَشْقُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبِلَادِ مِثْلُهَا. ثُمَّ أَخَذَ يَنْعَتُهَا بِكَثْرَةِ مِيَاهِهَا وَخَيْرَاتِهَا. ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّ فِي الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ لَعَجَائِبَ، لَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا الْمَنَارَةُ، فَإِنَّهَا مَبْنِيَّةُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ عَلَى الْعُمُدِ، وَلَكِنْ لَهَا أَمْثَالٌ، فَأَمَّا دِمَشْقُ فَلَا مِثْلَ لَهَا. وَقَدْ رَوَى مَعْنٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ كِتَابًا وُجِدَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَلَمْ يُدْرَ مَا هُوَ؟ فَإِذَا فِيهِ: أنا شداد ابن عَادٍ، الَّذِي رَفَعَ الْعِمَادَ، بَنَيْتُهَا حِينَ لَا شَيْبَ وَلَا مَوْتَ. قَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَ لتمر بهم