تفسير القرطبي (صفحة 7209)

[تفسير سورة الأعلى]

سُورَةُ" الْأَعْلَى" مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مَدَنِيَّةٌ. وَهِيَ تِسْعَ عَشْرَةَ آيَةً.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الأعلى (87): آيَةً 1]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (?)

يُسْتَحَبُّ لِلْقَارِئِ إِذَا قَرَأَ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى أَنْ يَقُولَ عَقِبَهُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، عَلَى ما يأتي. وروى جعفر ابن مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: إِنَّ لله تعالى ملكا يقال له حزقيائيل، لَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ جَنَاحٍ، مَا بَيْنَ الْجَنَاحِ إِلَى الْجَنَاحِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍّ، فَخَطَرَ لَهُ خَاطِرٌ: هَلْ تَقْدِرُ أَنْ تُبْصِرَ الْعَرْشَ جَمِيعَهُ؟ فَزَادَهُ اللَّهُ أَجْنِحَةً مِثْلَهَا، فَكَانَ لَهُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ جَنَاحٍ، مَا بَيْنَ الْجَنَاحِ إِلَى الْجَنَاحِ خَمْسُمِائَةِ عَامٍّ. ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَيُّهَا الْمَلَكُ، أَنْ طِرْ، فَطَارَ مِقْدَارَ عِشْرِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، فَلَمْ يَبْلُغْ رَأْسَ قَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ. ثُمَّ ضَاعَفَ اللَّهُ لَهُ فِي الْأَجْنِحَةِ وَالْقُوَّةِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَطِيرَ، فَطَارَ مِقْدَارَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ سَنَةٍ أُخْرَى، فَلَمْ يَصِلْ أَيْضًا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَيُّهَا الْمَلَكُ، لَوْ طِرْتَ إِلَى نَفْخِ الصُّوَرِ مَعَ أَجْنِحَتِكَ وَقُوَّتِكَ لَمْ تَبْلُغْ سَاقَ عَرْشِي. فَقَالَ الْمَلَكُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ (. ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ فِي (كِتَابِ الْعَرَائِسِ) لَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ: مَعْنَى سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى أَيْ عَظِّمْ رَبَّكَ الْأَعْلَى. وَالِاسْمُ صِلَةٌ، قُصِدَ بِهَا تَعْظِيمُ الْمُسَمَّى، كَمَا قَالَ لَبِيَدٍ:

إِلَى الْحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكُمَا «1»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015