تفسير القرطبي (صفحة 7174)

بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ، تَقُولُ: وَسَقْتُهُ أَسِقُهُ وَسْقًا. وَمِنْهُ قِيلَ لِلطَّعَامِ الْكَثِيرِ الْمُجْتَمِعِ: وَسْقٌ، وَهُوَ سِتُّونَ صَاعًا. وَطَعَامٌ مُوسَقٌ: أَيْ مَجْمُوعٌ، وَإِبِلٌ مستوسقة أي مجتمعة، قال الراجز (?):

إن لنا قلائصا حقائقا ... مستوسقات لَوْ يَجِدْنَ سَائِقَا

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَما وَسَقَ أي وما ساق من شي إِلَى حَيْثُ يَأْوِي، فَالْوَسْقُ بِمَعْنَى الطَّرْدِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلطَّرِيدَةِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْحُمْرِ: وَسِيقَةٌ، قال الشاعر (?):

كَمَا قَافَ آثَارَ الْوَسِيقَةِ قَائِفُ

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَما وَسَقَ أَيْ وَمَا جَنَّ وَسَتَرَ. وعنه أيضا: وما حمل، وكل شي حَمَلْتَهُ فَقَدْ وَسَقْتَهُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَا أَفْعَلُهُ مَا وَسَقَتْ عَيْنِي الْمَاءَ، أَيْ حَمَلَتْهُ. وَوَسَقَتِ النَّاقَةُ تَسِقُ وَسْقًا: أَيْ حَمَلَتْ وَأَغْلَقَتْ رَحِمَهَا عَلَى الْمَاءِ، فَهِيَ نَاقَةٌ وَاسِقٌ، وَنُوقٌ وِسَاقٌ مِثْلَ نَائِمٍ وَنِيَامٍ، وَصَاحِبٍ وَصِحَابٍ، قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خَازِمٍ:

أَلَظَّ بِهِنَّ يَحْدُوهُنَّ حَتَّى ... تَبَيَّنَتِ الْحِيَالُ مِنَ الْوِسَاقِ

وَمَوَاسِيقُ أَيْضًا. وَأَوْسَقْتُ الْبَعِيرَ: حَمَّلْتُهُ حِمْلَهُ، وَأَوْسَقَتِ النَّخْلَةُ: كَثُرَ حَمْلُهَا. وَقَالَ يَمَانٌ وَالضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَمَلَ مِنَ الظُّلْمَةِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: أَوْ حَمَلَ مِنَ الْكَوَاكِبِ. الْقُشَيْرِيُّ: وَمَعْنَى حَمَلَ: ضَمَّ وَجَمَعَ، وَاللَّيْلُ يجلل بظلمته كل شي فَإِذَا جَلَّلَهَا فَقَدْ وَسَقَهَا. وَيَكُونُ هَذَا الْقَسَمُ قَسَمًا بِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، لِاشْتِمَالِ اللَّيْلِ عَلَيْهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَما لَا تُبْصِرُونَ [الحاقة: 39 - 38]. وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: وَما وَسَقَ أَيْ وَمَا عُمِلَ فِيهِ، يَعْنِي التَّهَجُّدَ وَالِاسْتِغْفَارَ بِالْأَسْحَارِ، قَالَ الشَّاعِرُ:

وَيَوْمًا تَرَانَا صَالِحِينَ وَتَارَةً ... تَقُومُ بِنَا كالواسق المتلبب

أي كالعامل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015