تفسير القرطبي (صفحة 7145)

الْأُولَى- رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَكْرِمُوا الْكِرَامَ الْكَاتِبِينَ الَّذِينَ لَا يفارقونكم إلا عند حدى حَالَتَيْنِ: الْخِرَاءَةِ»

أَوِ الْجِمَاعِ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ بِجِرْمِ [حَائِطٍ (?)] أَوْ بِغَيْرِهِ، أَوْ لِيَسْتُرْهُ أَخُوهُ). وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (لَا يَزَالُ الْمَلَكُ مُولِيًا عَنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ بَادِيَ الْعَوْرَةَ) وَرُوِيَ (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا دَخَلَ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ لَعَنَهُ مَلَكَاهُ). الثَّانِيَةُ- وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْكُفَّارِ هَلْ عَلَيْهِمْ حَفَظَةٌ أَمْ لَا؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا، لِأَنَّ أَمْرَهُمْ ظَاهِرٌ، وَعَمَلَهُمْ وَاحِدٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ [الرحمن: 41]. وَقِيلَ: بَلْ عَلَيْهِمْ حَفَظَةٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ. وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ [الانفطار: 12 - 9]. وقال: وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ [الحاقة: 25] وَقَالَ: وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ [الانشقاق: 10]، فَأَخْبَرَ أَنَّ الْكُفَّارَ يَكُونُ لَهُمْ كِتَابٌ، وَيَكُونُ عَلَيْهِمْ حَفَظَةٌ. فَإِنْ قِيلَ: الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ أي شي يَكْتُبُ وَلَا حَسَنَةَ لَهُ؟ قِيلَ لَهُ: الَّذِي يَكْتُبُ عَنْ شِمَالِهِ يَكُونُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، وَيَكُونُ شَاهِدًا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّالِثَةُ- سُئِلَ سُفْيَانُ: كَيْفَ تَعْلَمُ الْمَلَائِكَةُ أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ أَوْ سَيِّئَةٍ؟ قَالَ: إِذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِحَسَنَةٍ وَجَدُوا مِنْهُ رِيحَ الْمِسْكِ، وَإِذَا هَمَّ بِسَيِّئَةٍ وَجَدُوا مِنْهُ ريح النتن. وقد مضى في" ق" (?) عند قَوْلُهُ: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 18] زِيَادَةُ بَيَانٍ لِمَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ. وَقَدْ كَرِهَ العلماء الكلام عند الْغَائِطِ وَالْجِمَاعِ، لِمُفَارَقَةِ الْمَلَكِ الْعَبْدَ عِنْدَ ذَلِكَ. وَقَدْ مَضَى فِي آخِرِ" آلِ عِمْرَانَ" (?) الْقَوْلُ فِي هَذَا. وَعَنِ الْحَسَنِ: يَعْلَمُونَ لَا يَخْفَى عليهم شي مِنْ أَعْمَالِكُمْ. وَقِيلَ: يَعْلَمُونَ مَا ظَهَرَ مِنْكُمْ دُونَ مَا حَدَّثْتُمْ بِهِ أَنْفُسَكُمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015