سُورَةُ عَبَسَ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ وَهِيَ إِحْدَى وَأَرْبَعُونَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
عَبَسَ وَتَوَلَّى (?) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (?) وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (?) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى (4)
فِيهِ سِتُّ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: عَبَسَ أَيْ كَلَحَ بِوَجْهِهِ، يُقَالُ: عَبَسَ وَبَسَرَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَتَوَلَّى أَيْ أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ أَنْ جاءَهُ أَنْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ لِأَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ، الْمَعْنَى لِأَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى، أَيِ الَّذِي لَا يُبْصِرُ بِعَيْنَيْهِ. فَرَوَى أَهْلُ التَّفْسِيرِ أَجْمَعُ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ كَانُوا عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ طَمِعَ فِي إِسْلَامِهِمْ، فَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْطَعَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَيْهِ كَلَامَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. قَالَ مَالِكٌ: إِنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّهُ قَالَ: نَزَلَتْ عَبَسَ وَتَوَلَّى فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ اسْتَدْنِنِي «1»، وَعِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرِضُ عَنْهُ وَيُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ، وَيَقُولُ: [يَا فُلَانُ، هَلْ تَرَى بِمَا أَقُولُ بَأْسًا [؟ فَيَقُولُ: [لَا وَالدُّمَى «2» مَا أَرَى بِمَا تَقُولُ بَأْسًا «3»]، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: عَبَسَ وَتَوَلَّى. وَفِي التِّرْمِذِيِّ مُسْنَدًا قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد ابن يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ هَذَا مَا عَرَضْنَا عَلَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: نَزَلَتْ عَبَسَ وَتَوَلَّى فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى، أَتَى رسول الله صلى الله عليه