سُورَةُ النَّازِعَاتِ مَكِّيَّةٌ بِإِجْمَاعٍ. وَهِيَ خَمْسٌ أَوْ سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (1) وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (2) وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (3) فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (4)
فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (5) يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ (8) أَبْصارُها خاشِعَةٌ (9)
يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ (10) أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً (11) قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ (12) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ (13) فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (14)
قَوْلُهُ تَعَالَى (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً): أَقْسَمَ سُبْحَانَهُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي ذَكَرَهَا، عَلَى أَنَّ الْقِيَامَةَ حَقٌّ. والنَّازِعاتِ: الْمَلَائِكَةُ الَّتِي تَنْزِعُ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ، قَالَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمَسْرُوقٌ وَمُجَاهِدٌ: هِيَ الملائكة تنزع نفوس بين آدَمَ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يُرِيدُ أَنْفُسَ الْكُفَّارِ يَنْزِعُهَا مَلَكُ الْمَوْتِ مِنْ أَجْسَادِهِمْ، مِنْ تَحْتِ كُلِّ شَعْرَةٍ، وَمِنْ تَحْتِ الْأَظَافِيرِ وَأُصُولِ الْقَدَمَيْنِ نَزْعًا كَالسَّفُّودِ يُنْزَعُ مِنَ الصُّوفِ الرَّطْبِ، يُغْرِقُهَا، أَيْ يَرْجِعُهَا فِي أَجْسَادِهِمْ، ثُمَّ يَنْزِعُهَا فَهَذَا عَمَلُهُ بِالْكُفَّارِ. وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: نُزِعَتْ أَرْوَاحُهُمْ، ثُمَّ غَرِقَتْ، ثُمَّ حُرِقَتْ، ثُمَّ قُذِفَ بِهَا فِي النَّارِ. وَقِيلَ: يَرَى الْكَافِرُ نَفْسَهُ فِي وَقْتِ النَّزْعِ كَأَنَّهَا تَغْرَقُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: والنَّازِعاتِ هِيَ النُّفُوسُ حِينَ تَغْرَقُ فِي الصُّدُورِ. مُجَاهِدٌ: هِيَ الْمَوْتُ يَنْزِعُ النُّفُوسَ. الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: هِيَ النُّجُومُ تُنْزَعُ مِنْ أُفُقٍ إِلَى أُفُقٍ، أَيْ تَذْهَبُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: نَزَعَ إِلَيْهِ أَيْ ذَهَبَ، أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ: نَزَعَتِ الْخَيْلُ أَيْ جَرَتْ. غَرْقاً