تفسير القرطبي (صفحة 7078)

: إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ النِّهَايَةُ فِي الْحَرِّ. وَالْغَسَّاقُ: صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ وَقَيْحُهُمْ. وَقِيلَ الزَّمْهَرِيرُ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِتَشْدِيدِ السِّينِ، وَقَدْ مَضَى فِي" ص" (?) الْقَوْلُ فِيهِ. (جَزاءً وِفاقاً) أَيْ مُوَافِقًا لِأَعْمَالِهِمْ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمَا، فَالْوِفَاقُ بمعنى الموافقة كالقتال بمعنى المقاتلة. وجَزاءً نَصْبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ جَازَيْنَاهُمْ جَزَاءً وَافَقَ أَعْمَالَهُمْ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ وَالْأَخْفَشُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ أَيْضًا: هُوَ جَمْعُ الْوَفْقِ، وَالْوَفْقُ وَاللَّفْقُ وَاحِدٌ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ. وَافَقَ الْعَذَابُ الذَّنْبَ، فَلَا ذَنْبَ أَعْظَمُ مِنَ الشِّرْكِ، وَلَا عَذَابَ أَعْظَمُ مِنَ النَّارِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ: كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ سَيِّئَةً، فَأَتَاهُمُ الله بما يسوءهم. إِنَّهُمْ كانُوا لَا يَرْجُونَ أَيْ لَا يَخَافُونَ حِساباً أَيْ مُحَاسَبَةً عَلَى أَعْمَالِهِمْ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَرْجُونَ ثَوَابَ حِسَابٍ. الزَّجَّاجُ: أَيْ إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يُؤْمِنُونَ بِالْبَعْثِ فَيَرْجُونَ حِسَابَهُمْ. (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً) أَيْ بِمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ. وَقِيلَ: بِمَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْكُتُبِ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ كِذَّاباً بِتَشْدِيدِ الذَّالِ، وَكَسْرِ الْكَافِ، عَلَى كَذَّبَ، أَيْ كَذَّبُوا تَكْذِيبًا كَبِيرًا. قَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ لُغَةٌ يَمَانِيَّةٌ فَسِيحَةٌ، يَقُولُونَ: كَذَّبْتُ [بِهِ (?)] كِذَّابًا، وَخَرَّقْتُ الْقَمِيصَ خِرَّاقًا، وَكُلُّ فِعْلٍ فِي وَزْنِ (فَعَّلَ) فَمَصْدَرُهُ فِعَّالٌ مُشَدَّدٌ فِي لُغَتِهِمْ، وَأَنْشَدَ بَعْضُ الْكِلَابِيِّينَ:

لَقَدْ طَالَ مَا ثَبَّطْتِنِي عَنْ صحابتي ... وعن حوج قضاؤها من شفائتا

وَقَرَأَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (كِذَابًا) بِالتَّخْفِيفِ وَهُوَ مَصْدَرٌ أَيْضًا. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: التَّخْفِيفُ وَالتَّشْدِيدُ جَمِيعًا: مَصْدَرُ الْمُكَاذَبَةِ، كَقَوْلِ الْأَعْشَى:

فَصَدَقْتُهَا وَكَذَبْتُهَا (?) ... وَالْمَرْءُ يَنْفَعُهُ كِذَابُهُ

أَبُو الْفَتْحِ: جَاءَا جَمِيعًا مَصْدَرَ كَذَبَ وَكَذَّبَ جَمِيعًا. الزَّمَخْشَرِيُّ: (كِذَابًا) بِالتَّخْفِيفِ مَصْدَرُ كَذَبَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ:

فَصَدَقْتُهَا وَكَذَبْتُهَا ... والمرء ينفعه كذابة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015