تفسير القرطبي (صفحة 7051)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة المرسلات (77): الآيات 1 الى 15]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (1) فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (2) وَالنَّاشِراتِ نَشْراً (3) فَالْفارِقاتِ فَرْقاً (4)

فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً (5) عُذْراً أَوْ نُذْراً (6) إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (7) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (9)

وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) وَما أَدْراكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (14)

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15)

جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْمُرْسَلَاتِ الرِّيَاحُ. وَرَوَى مَسْرُوقٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ أُرْسِلَتْ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَهْيِهِ وَالْخَبَرِ وَالْوَحْيِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمُقَاتِلٍ وَأَبِي صَالِحٍ وَالْكَلْبِيِّ. وَقِيلَ: هُمُ الْأَنْبِيَاءُ أُرْسِلُوا بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: إِنَّهُمُ الرُّسُلُ تُرْسَلُ بِمَا يُعْرَفُونَ بِهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهَا الرِّيَاحُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ [الحجر: 22]. وقال: وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ [الأعراف: 57]. وَمَعْنَى عُرْفاً يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا كَعُرْفِ الْفَرَسِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: النَّاسُ إِلَى فُلَانٍ عُرْفٌ وَاحِدٌ: إِذَا تَوَجَّهُوا إِلَيْهِ فَأَكْثَرُوا. وَهُوَ نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ وَالْمُرْسَلاتِ أَيْ وَالرِّيَاحِ الَّتِي أُرْسِلَتْ مُتَتَابِعَةً. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرًا أَيْ تِبَاعًا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّصْبُ عَلَى تَقْدِيرِ حَرْفِ الْجَرِّ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَالْمُرْسَلَاتُ بِالْعُرْفِ، وَالْمُرَادُ الْمَلَائِكَةُ أَوِ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّسُلُ. وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمُرْسَلَاتِ السَّحَابُ، لِمَا فِيهَا مِنْ نِعْمَةٍ وَنِقْمَةٍ، عَارِفَةٌ بِمَا أُرْسِلَتْ فِيهِ وَمَنْ أُرْسِلَتْ إليه. وقيل: إنها الزواجر والمواعظ. وعُرْفاً عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مُتَتَابِعَاتٌ كَعُرْفِ الْفَرَسِ، قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ. وَقِيلَ: جَارِيَاتٌ، قَالَهُ الْحَسَنُ، يَعْنِي فِي الْقُلُوبِ. وَقِيلَ: مَعْرُوفَاتٌ فِي الْعُقُولِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015