أَرَادَ وَلَا وَجْدَ شَيْخٍ. وَقِيلَ: الْآثِمُ الْمُنَافِقُ، وَالْكَفُورُ الْكَافِرُ الَّذِي يُظْهِرُ الْكُفْرَ، أَيْ لَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا وَلَا كَفُورًا. وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الْفَرَّاءِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) أَيْ صَلِّ لِرَبِّكَ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ، فَفِي أَوَّلِهِ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَفِي آخِرِهِ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ) يعني صلاة المغرب والعشاة الْآخِرَةِ (وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) يَعْنِي التَّطَوُّعَ فِي اللَّيْلِ، قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسُفْيَانُ: كُلُّ تَسْبِيحٍ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ صَلَاةٌ. وَقِيلَ: هُوَ الذِّكْرُ الْمُطْلَقُ سَوَاءً كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ: إِنَّ قَوْلَهُ: وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا مَنْسُوخٌ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَقِيلَ: هُوَ نَدْبٌ. وَقِيلَ: هُوَ مَخْصُوصٌ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مِثْلِهِ فِي سُورَةِ" الْمُزَّمِّلِ" «1» وَقَوْلُ ابْنُ حَبِيبٍ حَسَنٌ. وَجَمْعُ الْأَصِيلِ: الْأَصَائِلُ وَالْأُصُلُ كَقَوْلِكَ سَفَائِنُ وَسُفُنٌ قَالَ:
وَلَا بِأَحْسَنَ منها إذا دَنَا الْأُصُلُ
وَقَالَ «2» فِي الْأَصَائِلِ وَهُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ:
لَعَمْرِي لَأَنْتَ الْبَيْتُ أُكْرِمُ أَهْلَهُ ... وَأَقْعُدُ فِي أفيائه بالاصائل
وقد مضى هذا فِي آخِرِ (الْأَعْرَافِ) «3» مُسْتَوْفًى. وَدَخَلَتْ (مِنَ) عَلَى الظَّرْفِ لِلتَّبْعِيضِ كَمَا دَخَلَتْ عَلَى الْمَفْعُولِ فِي قوله تعالى: (لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ).
إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً (27) نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً (28)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ): تَوْبِيخٌ وَتَقْرِيعٌ، وَالْمُرَادُ أَهْلُ مَكَّةَ. وَالْعَجَلَةُ الدُّنْيَا وَيَذَرُونَ أَيْ وَيَدَعُونَ وَراءَهُمْ أَيْ بين أيديهم يَوْماً ثَقِيلًا