تفسير القرطبي (صفحة 6898)

[الجزء التاسع عشر]

[تفسير سورة الجن]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ الْجِنِّ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ. وَهِيَ ثمان وعشرون آية

[سورة الجن (72): الآيات 1 الى 3]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (?) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (?) وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً (?)

فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَيْ قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِأُمَّتِكَ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ أَنَّهُ اسْتَمَعَ إِلَيَّ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَالِمًا بِهِ قَبْلَ أَنْ أَوْحَى إِلَيْهِ. هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ عَلَى مَا يَأْتِي. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ" أُحِيَ" «1» عَلَى الْأَصْلِ، يُقَالُ: أَوْحَى إِلَيْهِ وَوَحَى، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ [المرسلات: 11] وَهُوَ مِنَ الْقَلْبِ الْمُطْلَقِ جَوَازُهُ فِي كُلِّ وَاوٍ مَضْمُومَةٍ. وَقَدْ أَطْلَقَهُ الْمَازِنِيُّ فِي الْمَكْسُورَةِ أَيْضًا كَإِشَاحٍ «2» وَإِسَادَةٍ وَ" إِعَاءِ أَخِيهِ" وَنَحْوِهِ. الثَّانِيَةُ- وَاخْتُلِفَ هَلْ رَآهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ لَا؟ فَظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرَهُمْ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: اسْتَمَعَ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ [الأحقاف: 29]. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ «3» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015