تفسير القرطبي (صفحة 6855)

هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ تَفْسِيرُ ابْنِ عَبَّاسٍ: هَلَكَتْ عَنِّي حُجَّتِي. وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَالسُّدِّيِّ وَالضَّحَّاكِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: يَعْنِي سُلْطَانِيَهْ فِي الدُّنْيَا الَّذِي هُوَ الْمُلْكُ. وَكَانَ هَذَا الرَّجُلُ مُطَاعًا فِي أَصْحَابِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ) قِيلَ: يَبْتَدِرُهُ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ ثُمَّ تُجْمَعُ يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَغُلُّوهُ أَيْ شُدُّوهُ بِالْأَغْلَالِ (ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) أَيِ اجْعَلُوهُ يَصْلَى الْجَحِيمَ (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً) اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَيِ ذِرَاعٍ، قَالَهُ الْحَسَنُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَبْعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْمَلَكِ. وَقَالَ نَوْفٌ: كُلُّ ذِرَاعٍ سَبْعُونَ بَاعًا، وَكُلُّ بَاعٍ أَبْعَدُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ. وَكَانَ فِي رَحْبَةِ الْكُوفَةِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: لَوْ أَنَّ حَلْقَةً مِنْهَا وُضِعَتْ عَلَى ذِرْوَةِ جَبَلٍ لَذَابَ كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ. وَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّ حَلْقَةً مِنَ السِّلْسِلَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا- أَنَّ حَلْقَةً مِنْهَا- مِثْلَ جَمِيعِ حَدِيدِ الدُّنْيَا. (فَاسْلُكُوهُ) قَالَ سُفْيَانُ: بَلَغَنَا أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي دُبُرِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ فِيهِ. وَقَالَهُ مُقَاتِلٌ. وَالْمَعْنَى ثُمَّ اسْلُكُوا فِيهِ سِلْسِلَةً. وَقِيلَ: تُدْخَلُ عُنُقَهُ فِيهَا ثم يجربها. وَجَاءَ فِي الْخَبَرِ: أَنَّهَا تُدْخَلُ مِنْ دُبُرِهِ وَتُخْرَجُ مِنْ مَنْخِرَيْهِ. وَفِي خَبَرٍ آخَرَ: تُدْخَلُ مِنْ فِيهِ وَتُخْرَجُ مِنْ دُبُرِهِ، فَيُنَادِي أَصْحَابَهُ هَلْ تَعْرِفُونِي؟ فَيَقُولُونَ لَا، وَلَكِنْ قَدْ نَرَى مَا بِكَ مِنَ الْخِزْيِ فَمَنْ أَنْتَ؟ فَيُنَادِي أَصْحَابَهُ أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ مِثْلَ هَذَا. قُلْتُ: وَهَذَا التَّفْسِيرُ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ (?) [الاسراء: 71]. وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمَعْنَاهُ خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي سُورَةِ" سُبْحَانَ" (?) فَتَأَمَّلْهُ هُنَاكَ. (إِنَّهُ كانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ. وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) أَيْ عَلَى الْإِطْعَامِ، كَمَا يُوضَعُ الْعَطَاءُ مَوْضِعَ الْإِعْطَاءِ. قَالَ الشَّاعِرُ:

أَكُفْرًا بَعْدَ رَدِّ الْمَوْتِ عَنِّي ... وَبَعْدَ عَطَائِكَ المائة الرتاعا (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015