تفسير القرطبي (صفحة 6847)

كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَرَوَى مَكْحُولٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عِنْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ: (سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يَجْعَلَهَا أُذُنَ عَلِيٍّ). قَالَ مَكْحُولٌ: فَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ فَنَسِيتُهُ إِلَّا وَحَفِظْتُهُ. ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَعَنِ الْحَسَنِ نَحْوَهُ ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يَجْعَلَهَا أُذُنَكَ يَا عَلِيُّ) قَالَ عَلِيٌّ: فَوَاللَّهِ مَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدُ، وَمَا كَانَ لِي أَنْ أَنْسَى. وَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: (يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُدْنِيَكَ وَلَا أُقْصِيَكَ وَأَنْ أُعَلِّمَكَ وَأَنْ تَعِيَ وَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ تَعِيَ).

[سورة الحاقة (69): آية 13]

فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (13)

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ النَّفْخَةُ الْأُولَى لِقِيَامِ السَّاعَةِ، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا مَاتَ. وَجَازَ تَذْكِيرُ نُفِخَ لِأَنَّ تَأْنِيثَ النَّفْخَةِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ. وَقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ النَّفْخَةَ هِيَ الْأَخِيرَةُ. وَقَالَ: نَفْخَةٌ واحِدَةٌ أَيْ لَا تُثَنَّى. قَالَ الْأَخْفَشُ: وَوَقَعَ الْفِعْلُ عَلَى النَّفْخَةِ إِذْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا اسْمٌ مَرْفُوعٌ فَقِيلَ: نَفْخَةٌ. وَيَجُوزُ (نَفْخَةً) نَصْبًا عَلَى الْمَصْدَرِ. وَبِهَا قَرَأَ أَبُو السِّمَالِ. أَوْ يُقَالُ: اقْتَصَرَ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنِ الْفِعْلِ كَمَا تَقُولُ: ضُرِبَ ضَرْبًا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: فِي الصُّورِ يقوم مقام ما لم يسم فاعله.

[سورة الحاقة (69): آية 14]

وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً (14)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ) قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ، أَيْ رُفِعَتْ مِنْ أَمَاكِنِهَا. (فَدُكَّتا) أَيْ فُتَّتَا وَكُسِرَتَا. (دَكَّةً واحِدَةً) لَا يَجُوزُ فِي دَكَّةً إلا النصب لارتفاع الضمير في فَدُكَّتا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَمْ يَقُلْ فَدُكِكْنَ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْجِبَالَ كُلَّهَا كَالْجُمْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَالْأَرْضَ كَالْجُمْلَةِ الْوَاحِدَةِ. ومثله: أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً «1» [الأنبياء: 30] وَلَمْ يَقُلْ كُنَّ. وَهَذَا الدَّكُّ كَالزَّلْزَلَةِ، كَمَا قال تعالى: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها [الزلزلة: 1]. وقيل: فَدُكَّتا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015