تفسير القرطبي (صفحة 6800)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) أَيْ حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ كَمَا أَرْسَلَهَا عَلَى قَوْمِ لُوطٍ وَأَصْحَابِ الْفِيلِ. وَقِيلَ: رِيحٌ فِيهَا حِجَارَةٌ وَحَصْبَاءُ. وَقِيلَ: سَحَابٌ فِيهِ حِجَارَةٌ. (فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) أَيْ إِنْذَارِي. وَقِيلَ: النَّذِيرُ بِمَعْنَى الْمُنْذِرِ. يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَتَعْلَمُونَ صِدْقَهُ وَعَاقِبَةَ تكذيبكم.

[سورة الملك (67): آية 18]

وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (18)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يَعْنِي كُفَّارَ الْأُمَمِ، كَقَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ لُوطٍ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَأَصْحَابِ الرَّسِّ وَقَوْمِ فِرْعَوْنَ. (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) أَيْ إِنْكَارِي وَقَدْ تَقَدَّمَ «1». وَأَثْبَتَ وَرْشٌ الْيَاءَ فِي" نَذِيرِي، ونكيري" فِي الْوَصْلِ. وَأَثْبَتَهَا يَعْقُوبُ فِي الْحَالَيْنِ. وَحَذَفَ الباقون اتباعا للمصحف.

[سورة الملك (67): آية 19]

أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19)

قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ أَيْ كَمَا ذَلَّلَ الْأَرْضَ لِلْآدَمِيِّ ذلل الهواء للطيور. وصافَّاتٍ أَيْ بَاسِطَاتٍ أَجْنِحَتَهُنَّ فِي الْجَوِّ عِنْدَ طَيَرَانِهَا، لِأَنَّهُنَّ إِذَا بَسَطْنَهَا صَفَفْنَ قَوَائِمَهَا صَفًّا. وَيَقْبِضْنَ أَيْ يَضْرِبْنَ بِهَا جُنُوبَهُنَّ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: يُقَالُ لِلطَّائِرِ إِذَا بَسَطَ جَنَاحَيْهِ: صَافٌّ، وَإِذَا ضَمَّهُمَا فَأَصَابَا جَنْبَهُ: قَابِضٌ، لِأَنَّهُ يَقْبِضُهُمَا. قَالَ أَبُو خِرَاشٍ:

يُبَادِرُ جُنْحَ اللَّيْلِ فَهُوَ موائل «2» ... يحث الجناح بالتبسط والقبض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015