وَكَقَوْلِهِ:
وَرَأَيْتُ زَوْجَكِ فِي الْوَغَى ... مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا
فَعَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُصْلِحَ نَفْسَهُ بِالطَّاعَةِ، وَيُصْلِحَ أَهْلَهُ إِصْلَاحَ الرَّاعِي لِلرَّعِيَّةِ. فَفِي صَحِيحِ الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ (. وَعَنْ هَذَا عَبَّرَ الْحَسَنُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ: يَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَمَّا قَالَ: قُوا أَنْفُسَكُمْ دَخَلَ فِيهِ الْأَوْلَادُ، لِأَنَّ الْوَلَدَ بَعْضٌ مِنْهُ. كَمَا دَخَلَ فِي قَوْلَهُ تَعَالَى: وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ (?) [النور: 61] فَلَمْ يُفْرَدُوا بِالذِّكْرِ إِفْرَادَ سَائِرِ الْقَرَابَاتِ. فَيُعَلِّمُهُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ، وَيُجَنِّبُهُ الْمَعَاصِيَ وَالْآثَامَ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (حَقُّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ أَنْ يُحْسِنَ اسْمَهُ وَيُعَلِّمَهُ الْكِتَابَةَ وَيُزَوِّجَهُ إِذَا بَلَغَ). وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ). وَقَدْ رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ). خَرَّجَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَهَذَا لَفْظُ أَبِي دَاوُدَ. وَخَرَّجَ أَيْضًا عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مُرُوا الصَّبِيَّ بِالصَّلَاةِ إِذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ فَإِذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ فَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا). وَكَذَلِكَ يُخْبِرُ أَهْلَهُ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ وَوُجُوبِ الصِّيَامِ وَوُجُوبِ الْفِطْرِ إِذَا وَجَبَ، مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ إِلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ. وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوْتَرَ يَقُولُ: (قُومِي فَأَوْتِرِي يَا عَائِشَةُ). وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى فَأَيْقَظَ أَهْلَهُ فَإِنْ لَمْ تَقُمْ رَشَّ وَجْهَهَا بِالْمَاءِ. رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ تُصَلِّي وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَإِذَا لَمْ يَقُمْ رَشَّتْ عَلَى وَجْهِهِ مِنَ الْمَاءِ (. وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:) أَيْقِظُوا صَوَاحِبَ الْحُجَرِ (. وَيَدْخُلُ هَذَا فِي عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى (?) [المائدة: 2]. وَذَكَرَ الْقُشَيْرِيُّ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: يَا رَسُولَ