تفسير القرطبي (صفحة 6775)

وَهُوَ بِمَعْنَى الْجَمْعِ. وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو بَكْرٍ، قَالَهُ الْمُسَيِّبُ بْنُ شَرِيكٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: عُمَرُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَرَوَى شَقِيقٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: إِنَّ صَالِحَ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَقِيلَ: هُوَ عَلِيٌّ. عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ). وَقِيلَ غَيْرُ هَذَا مِمَّا تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَجِبْرِيلُ مُبْتَدَأٌ وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ. وَالْخَبَرُ ظَهِيرٌ وَهُوَ بِمَعْنَى الْجَمْعِ أَيْضًا. فَيُوقَفُ عَلَى هَذَا عَلَى مَوْلاهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ مَعْطُوفًا عَلَى مَوْلاهُ فَيُوقَفُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَيَكُونُ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ ابْتِدَاءً وَخَبَرًا. وَمَعْنَى ظَهِيرٌ أَعْوَانٌ. وَهُوَ بِمَعْنَى ظُهَرَاءَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَحَسُنَ أُولئِكَ، رَفِيقاً (?) [النساء: 69]. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: قَدْ جَاءَ فَعِيلٌ لِلْكَثْرَةِ كقوله تعالى: وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً. يُبَصَّرُونَهُمْ (?) [المعارج: 11 - 10]. وَقِيلَ: كَانَ التَّظَاهُرُ مِنْهُمَا فِي التَّحَكُّمِ عَلَى النبي صلي اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّفَقَةِ، وَلِهَذَا آلَى مِنْهُنَّ شَهْرًا وَاعْتَزَلَهُنَّ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ النَّاسَ جُلُوسًا بِبَابِهِ لَمْ يُؤْذَنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ، قَالَ: فَأُذِنَ لِأَبِي بَكْرٍ فَدَخَلَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ، فَوَجَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا حَوْلَهُ نِسَاؤُهُ وَاجِمًا سَاكِتًا- قَالَ- فَقَالَ لَأَقُولَنَّ شَيْئًا أُضْحِكُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَ بِنْتَ خَارِجَةَ سَأَلَتْنِي النَّفَقَةَ فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَوَجَأْتُ عُنُقَهَا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: (هُنَّ حَوْلِي كَمَا تَرَى يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ). فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَائِشَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا، وَقَامَ عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا، كِلَاهُمَا يَقُولُ: تَسْأَلْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ! فَقُلْنَ: وَاللَّهِ لَا نَسْأَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا أَبَدًا لَيْسَ عِنْدَهُ. ثُمَّ اعْتَزَلَهُنَّ شَهْرًا أَوْ تِسْعًا وَعِشْرِينَ. ثُمَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ حَتَّى بَلَغَ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً [الأحزاب: 29 - 28] الحديث. وقد ذكراه في سورة (?) " الأحزاب".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015