تفسير القرطبي (صفحة 6723)

وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ وَالْأَعْرَجُ" نَهْدِ" بِنُونٍ عَلَى التَّعْظِيمِ قَلْبَهُ بِالنَّصْبِ. وَقَرَأَ عِكْرِمَةَ" يَهْدَأُ قَلْبُهُ" بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَرَفْعِ الْبَاءِ، أَيْ يَسْكُنُ وَيَطْمَئِنُّ. وَقَرَأَ مِثْلَهُ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، إِلَّا أَنَّهُ لَيَّنَ الْهَمْزَةَ. (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) لَا يَخْفَى عَلَيْهِ تَسْلِيمُ مَنِ انْقَادَ وَسَلَّمَ لأمره، ولا كراهة من كرهه.

[سورة التغابن (64): الآيات 12 الى 13]

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (12) اللَّهُ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (13)

أَيْ هَوِّنُوا عَلَى أَنْفُسِكُمُ الْمَصَائِبَ، وَاشْتَغِلُوا بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَاعْمَلُوا بِكِتَابِهِ، وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فِي الْعَمَلِ بِسُنَّتِهِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ عَنِ الطَّاعَةِ فَلَيْسَ عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا التَّبْلِيغُ. (اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أَيْ لَا مَعْبُودَ سِوَاهُ، وَلَا خَالِقَ غَيْرِهِ، فعليه توكلوا.

[سورة التغابن (64): آية 14]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)

فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِالْمَدِينَةِ فِي عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، شَكَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَفَاءَ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، فَنَزَلَتْ. ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ. وَحَكَاهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ" التَّغَابُنِ" كُلُّهَا بِمَكَّةَ إِلَّا هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ نَزَلَتْ فِي عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ كَانَ ذَا أَهْلٍ وَوَلَدٍ، وَكَانَ إِذَا أَرَادَ الْغَزْوَ بَكَوْا إِلَيْهِ وَرَقَّقُوهُ فَقَالُوا: إِلَى مَنْ تَدَعُنَا؟ فَيَرِقُّ فَيُقِيمُ، فَنَزَلَتْ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015